عشية الموازنة.. “نفط الجنوب” ترفض المادة 42 وتستنجد من الإفلاس

تقترب شركة مصافي الجنوب من الإفلاس، على إثر بند في الموازنة العامة ممكن أن يقضي…

تقترب شركة مصافي الجنوب من الإفلاس، على إثر بند في الموازنة العامة ممكن أن يقضي على أرباحها وتتحول من إلى شركة خاسرة، وهو ما دفع موظفيها إلى الخروج بتظاهرات وتنفيذ اعتصامات، حتى أقدموا يوم أمس، على منع دخول الصهاريج وقطار التحميل للشركة.

ويقول عماد القطراني، موظف في الشركة وواحد من المعتصمين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المادة 42 من قانون الموازنة الاتحادية، فرضت ضريبة على المشتقات النفطية المجهز من الشركة، وهذه الضريبة لن يتحملها المواطن، بل سيكون السعر كما هو ومدعوم من الدولة، لكننا سنتحمله، حيث ارتفعت قيمة البرميل بحدود 10 آلاف دينار (6 دولارات)”.

ويضيف القطراني، أن “هذه المادة إذا مررت في الموازنة، ستؤدي إلى أن تكون الشركة خاسرة ولا يمكنها أن تمول نفسها ولا أن تسدد نفقات الشركات الاستخراجية، وهذا الأمر له انعكاسات سلبية على واقع الشركة، وأيضا شركات التوزيع والخطوط والأنابيب، كما أنه لن يكون بإمكان الشركة تغطية حوافز الموظفين”. 

ويجد الموظف، أن “هذه المادة تحمل في طياتها توجه سياسي من أجل خصخصة الشركات الحكومية وإحالتها إلى الإستثمار من خلال متنفذين ومتسلطين في الدولة وخارجها، لتمرير ملفات فساد كما هو المعتاد”.

ومن المفترض أن يقر مجلس النواب، اليوم الخميس، الموازنة الاتحادية للعام الحالي والعامين المقبلين معا، بعد جدل كبير بشأنها، مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وتنص الفقرة أولا من المادة 42 من الموازنة، على: تستوفى رسوم بحسب النسب المدرجة أدناه وتقيد ايراداً نهائياً للخزينة العامة: أ. نسبة 5 من عوائد مبيعات البنزين عن اللتر الواحد، ب نسبة 10 بالمئة من عوائد مبيعات زيت الغاز (الكاز) عن اللتر الواحد، ج. نسبة 1 بالمئة من عوائد مبيعات مادة النفط الأسود، د. نسبة 15 بالمئة على اللتر الواحد للوقود المستورد والذي يباع مباشرة عن طريق محطات تعبئة الوقود للسيارات.

يذكر أن الناطق الرسمي باسم الحكومة باسم العوادي، أعلن في 24 آيار مايو الماضي، بعدم وجود أي ضرائب جديدة على وقود السيارات في الموازنة، وأن الوقود الذي يقدم للمواطنين سيبقى مدعوماً من الحكومة ووزارة النفط وبالأسعار نفسها، وأن الضرائب التي يتم الإشارة لها في الموازنة هي داخلية بين الشركات والمؤسسات الحكومية في وزارة النفط.  

وترتبط مصافي النفط الجنوبية بوزارة النفط الاتحادية، وموظفيها هم موظفون حكوميون، لكن رواتبهم مرتبطة بالإنتاج، وهو ما دفعم إلى التظاهر لأن الضرائب الجديدة ستخفض قيمة رواتبهم.

من جانبه، يوضح عضو لجنة النفط والغاز النيابية علي شدد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الفقرة التي تضمنتها الموازنة ونصت على فرض رسوم، إذا ما تم تمريرها ستتسبب بخسار كبيرة لشركات المصافي وارتفاع بأسعار المشتقات النفطية”.

ويؤكد أن “الخسائر المتوقعة بعد فرض هذه الضرائب تقدر بـ341 مليار دينار، وبالتالي ستعلن الشركة إفلاسها نتيجة التزاماتها المالية”، كاشفا عن أن “هناك تنسيق بين اللجنة المالية ولجنة النفط والغاز لعقد اجتماع مشترك لمناقشة تداعيات هذه الفقرة وآثارها قبل إقرار الموازنة للحيلولة دون تمريرها”.

وكانت النائب الثاني لرئيس اللجنة المالية إخلاص الدليمي، أكدت في 13 آيار مايو الماضي، أن اللجنة وصلت إلى رؤية مفادها بأنه من الصعب جداً تخفيض حجم الإنفاق فيها، إذ وجدنا إنفاقاً حقيقياً تحتاج إليه الدولة بسبب الالتزامات أو المبالغ المالية التي تحملتها بسبب ظروف استثنائية، من تظاهرات ومشكلات أخرى كبيرة، فضلاً عن أنَّ إطلاق التعيينات أضاف أعباء مالية كبيرة عليها، لكننا نحاول معالجة خلل العجز بتعظيم إيرادات الدولة ووضع نصوص تحقق جباية.

إلى ذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي أحمد صدام، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الضرائب كما هو متعارف، فهي تفرض حينما توفر الدولة الخدمات للمجتمع مع زيادة بمستوى دخل الفرد وحصول تطور نسبي في المستوى المعيشي، وبالتالي يحق للدولة أن تنوع من مستوى إيراداتها، سواء عن طريق الضرائب أو بعض الطرق الأخرى”.

ويوضح أن “إضافة فقرة في قانون الموازنة لغرض زيادة الضرائب على برميل النفط، يبين أن الحكومة تعاني من ضعف بمستوى الإيرادات الداخلة لها من الصناعات غير النفطية وعدم السيطرة عليها، فلو اتخذت اسلوبا ومنهجا تضبط فيه مستوى الإيرادات من المنافذ الحدودية لأسهمت بشكل كبير في زيادة دخلها، وكذلك القطاع الزراعي والصناعي، إلا أن هذه القطاعات مساهمتها ضعيفة جدا”.

ويلفت إلى أن “فرض الضرائب يحجم دور الشركات في منح الحوافز للموظفين، والمعروف اقتصاديا أن منح الحوافز يزيد من مستوى الإنتاج ورفع الكفاءة، وبالتالي تكون الاثار سلبية، خاصة وأن 70 بالمئة من الشركات الحكومية هي شركات خاسرة”، مبينا أن “الشركات النفطية هي شركات رابحة ويصل الربح السنوي لشركة المنتجات النفطية لوحدها قرابة 4 مليارات دولار، وهذا يجب أن يستمر دون تلاعب، فكان الأجدر بالحكومة أن تتجه لفرض ضرائب على ذوي الدخول المرتفعة فالرئاسات الثلاث تستنزف من موازنة الدولة بشكل سنوي 700 مليار دولار، وأن نسبة الهدر المالي السنوي الذي تقدره اللجنة المالية النيابية من 10 الى 15 مليار دولار، فلو تم ضبط الهدر والعمل بضريبة الراتب على الدخول المرتفعة، لخفف كثيرا من مستوى الضرائب على القطاع النفطي”.

وشهدت شركة المصافي يوم أمس الأربعاء، في البصرة وميسان، تظاهرات كبيرة وإغلاق للطرق المؤدية إلى بوابات الشركات النفطية التي تقوم بنقل المشتقات النفطية والمستودعات، احتجاجا على المادة 42 من الموازنة.

أقرأ أيضا