
واسط تخطط لإدراج مواقعها بلائحة التراث العالمي.. ونهب وتخريب الآثار مستمر
واسط - العالم الجديد
منذ سنوات، تنتظر المواقع الأثرية المكتشفة في محافظة واسط، الاهتمام الحكومي اللازم، لتتحول إلى وجهة سياحية، أسوة بآثار المحافظات الأخرى، وفيما كشف مسؤولون في المحافظة عن مساع لإدراجها على لائحة التراث العالمي، سلط باحث الضوء على عمليات التخريب والسرقة التي تتعرض لها تلك المواقع.
وتبعد واسط 180 كيلو مترا إلى الجنوب من العاصمة بغداد، وتغطي مساحة تتجاوز 17 ألف كيلومتر مربع، وتمتاز بشكلها الذي يشبه جزيرة تحيط بها المياه من الجنوب والشرق والغرب، ولم تعرف سابقا بوجود آثار فيها، لكن الأعوام الأخيرة شهدت بدء بعثات التنقيب بالكشف عن مئات المواقع الأثرية.
ويقول مدير مفتشية آثار وتراث محافظة واسط حسنين علي، في حديث لـ"العالم الجديد"، إن "التنقيبات حددت مجموعة كبيرة من المواقع الأثرية التي يقدر عددها بحوالي 470 موقعا أثريا، وتعود لحضارات متعددة وفترات زمنية مختلفة، حيث يعود بعضها إلى عصر الدولة العباسية والأموية والعثمانية، ويعود بعضها الآخر إلى العصور السومرية والأكدية وغيرها".
ويضيف علي، أن "هذا الأمر دفع الحكومة المحلية للسعي إلى إدراج المواقع الأثرية والتاريخية في محافظة واسط، ضمن قائمة مواقع التراث العالمي"، مبينا أن "هذه المواقع كشفت عن وجود مجموعة من المعالم الأثرية والتي تتمثل بالفخار، والعمارة، والدمى، والعديد من بقايا الصناعات المتنوعة التي تشير إلى مدى التطور الفكري والاقتصادي الذي ساد المدينة في ذلك الوقت، فضلا عن مجموعة كبيرة من الأواني الفخارية الزجاجية وغير الزجاجية ذات الأشكال والزخارف المتنوعة، ومجموعة من الفخاريات المختومة التي تعود للعصرين الأموي والعباسي، وبعض الدمى التي تعود إلى العصر العباسي والتي تتخذ هيئة راقصات، أو عازفين، أو فرسان".
يذكر أن فريقا إيطاليا من جامعة تورينو، وبالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار العراقية، بدأ بعمليات التنقيب على 9 مواسم متتالية في تل البقرات الواقع في قضاء الأحرار غربي مركز المحافظة، واكتشف آثار لمباني حكومية تعود إلى حقب زمنية مختلفة، إضافة إلى وحدات بنائية.
ويزخر العراق بآلاف المواقع الأثرية، التي تعود إلى أزمان سحيقة، ولعل ذي قار وبابل ونينوى، من أبرز المدن التي تملك مواقع أثرية، هي امتداد لحضارات قديمة.
وتعرضت الآثار العراقية إلى التدمير والسرقة من قبل تنظيم داعش، وخاصة آثار مدينة الموصل بمحافظة نينوى، خلال سيطرة التنظيم على المدينة عام 2014.
وقبل ذلك، طال النهب والسرقة، المواقع الأثرية خلال فترة الانفلات الأمني إبان دخول القوات الأمريكية إلى العراق عام 2003، وفي مقدمتها "تل جوخا" شمالي ذي قار، والتي تعد المدينة الاقتصادية للدولة السومرية.
في الأثناء، أجرت جامعة واسط تنسيقا مع مفتشية الآثار في المحافظة من خلال لجان مشتركة، أفضى إلى رفع 3 مواقع أثرية، ليتم توثيقها ضمن لائحة التراث العالمي، وحول هذا الأمر يبين رئيس الجامعة مازن الحسني، أن "الفرق المشتركة تعمل على استخدام التقنيات الحديثة في تحديد المواقع وتثبيتها على الخرائط الإلكترونية عبر الإنترنت، إضافة إلى استخدام التقنيات في إعداد مجسمات اللقى الأثرية التي يتم العثور عليها خلال البحث والتنقيب".
ويتابع الحسني، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "الجامعة خصصت مساحة لإنشاء متحف واسط، وفيه عرضت أكثر من 400 قطعة أثرية، يعود بعضها إلى عصر فجر السلالات وعملات معدنية وأواني فخارية، إضافة إلى المخطوطات والبحوث".
يشار إلى أن المواقع الأثرية في ذي قار وبابل، تعد وجهة سياحية عالمية، ومن أبرز معالم البلد ورموزه، ومؤخرا بدأت بجذب السائحين من كافة الدول، وخاصة المشاهير.
جدير بالذكر، أن السياحة في المدن الأثرية ببابل وذي قار، تعاني أيضا من قلة الخدمات والبنى التحتية، فلا توجد فنادق مميزة ولا مطاعم ولا مواصلات.
وتتعرض بعض المواقع الأثرية المكتشفة في واسط إلى التخريب المتعمد من قبل مجهولين، من خلال الكتابة على جدران المواقع أو هدمها، إضافة إلى التنقيب غير النظامي من قبل العاملين في مجال تهريب الآثار ، وهنا يؤكد الباحث الآثاري مصطفى سهل، أن "عمليات التخريب تزداد في المناطق الزراعية والبعيدة عن رقابة السلطات".
ويؤكد سهل، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "الفرق التنقيبية عثرت على عدد من الاختام الاسطوانية لدى مزارعين، ناهيك عن تحويل عدد كبير من المواقع الأثرية إلى مزارع وما يتخلهها من عمليات تجريف للأرض، ما تسبب في اندثارها".
وكانت هيئة النزاهة ضبطت في شهر آذار مارس الماضي، أكثر من 100 قطعة أثرية خلال عملية نفذت في أحد المواقع الأثرية بمحافظة واسط، بعد تلقيها معلومات تتضمن قيام بعض المتجاوزين على أحد المواقع الأثرية الواقعة بين قضاءي النعمانية والأحرار في المحافظة، باستخراج الآثار وبيعها عن طريق شبكة تهريب داخل المحافظة.
يذكر أن قانون العقوبات العراقي، وفي مواد عديدة، عاقب بالسجن مدة لا تقل عن 7 أعوام ولا تزيد عن 15 عاما، كل من سرق قطعة آثار أو مادة تراثية في حيازة السلطة الاثارية، وبتعويض مقداره 6 أضعاف القيمة المقدرة للأثر أو المادة التراثية في حالة عدم استردادها، وتكون العقوبة السجن المؤبد اذا كان مرتكب الجريمة من المكلفين بإدارة أو حفظ أو حراسة الآثار أو المادة التراثية المسروقة، وتكون العقوبة الإعدام إذا حصلت السرقة بالتهديد أو الإكراه أو من شخصين فأكثر، وكان أحدهم يحمل سلاحاً ظاهراً أو مخبأ، و يعاقب بالإعدام من أخرج عمداً من العراق مادة أثرية أو شرع في إخراجها.