بغداد وأربيل.. أزمة عصية على الحل!

بغداد وأربيل.. أزمة عصية على الحل!

بغداد - العالم الجديد

اللقاءات التي عقدها رئيس حكومة إقليم كردستان، مع زعماء ومسؤوليين حكوميين في بغداد، زادت من جرعة التفاؤل بالتوصل إلى حلول للأزمة المستعصية مع الحكومة الاتحادية، لكن مراقبين توقعوا استمرارها في ظل الاتهامات والاشتراطات المتبادلة دون حلول جذرية حقيقية.   ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردست
...

اللقاءات التي عقدها رئيس حكومة إقليم كردستان، مع زعماء ومسؤوليين حكوميين في بغداد، زادت من جرعة التفاؤل بالتوصل إلى حلول للأزمة المستعصية مع الحكومة الاتحادية، لكن مراقبين توقعوا استمرارها في ظل الاتهامات والاشتراطات المتبادلة دون حلول جذرية حقيقية.

 

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "استمرار زيارات وفد حكومة إقليم كردستان إلى بغداد، يؤكد جدية حكومة الإقليم بإيجاد حلول حقيقية وسريعة للقضايا العالقة التي تخص الشأن المالي وتطبيق فقرات قانون الموازنة وغيرها".

 

ويضيف كريم، أن "نتائج حوارات وفد حكومة إقليم كردستان في بغداد كانت إيجابية وجيدة على مختلف المستويات، وهناك نتائج مثمرة تحققت، ويمكن خلال الأسبوع المقبل أن نرى الكثير من الحلول، وخاصة إطلاق رواتب الموظفين بشكل عادل من قبل بغداد"، مبينا أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لديه الرغبة الحقيقية في حل الخلافات مع حكومة الإقليم، وفق ما اتفق عليه سياسياً، لكن بصراحة هناك قوى سياسية في الإطار التنسيقي لا تريد أي حلول، وتعمل في كل مرة على عرقلة أي اتفاق، وهذه الأطراف تضغط على السوداني لمنعه من التوصل لحل مع الإقليم".

 

ووصل يوم أمس الخميس، رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني ونائبه قوباد طالباني إلى العاصمة بغداد، وعقدا اجتماعات مكثفة مع المسؤولين فيها، بدءا من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وصولا إلى القادة السياسيين وبينهم قادة الإطار التنسيقي. 

 

يذكر أن السوداني، أكد خلال لقائه بارزاني، على أن الحكومة جادة في إيجاد حلول جذرية للتعامل مع إقليم كردستان، وأنها تعمل على ضمان عدم تأثر متطلبات العيش الكريم للمواطنين العراقيين، وبضمنهم مواطنو الإقليم، بأية إشكالات قانونية أو إدارية.

 

والتقى بارزاني، رئيس حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، حيث شدد الأخير على ضرورة إيجاد حل لقضية رواتب الإقليم. 

 

من جهته، يبين القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "استمرار الحوارات ما بين بغداد وأربيل أمر جيد من أجل إيجاد حلول للملفات العالقة، وهذه الحوارات هي أكيد تصب نحو تقوية العلاقات والتقارب".

 

ويلفت الفتلاوي، إلى أن "هناك إجماعا سياسيا في الإطار التنسيقي بعدم التنازل عن الحقوق الدستورية لإقليم كردستان لأي سبب من الأسباب، ولذا على الإقليم الالتزام بالدستور وفقرات قانون الموازنة، حتى يستلم كامل حصته المالية وبخلاف ذلك لا يمكن للحكومة التلاعب بثروات الشعب العراقي كما تشاء تحت أي عنوان".

 

ويستطرد أن "جميع قادة الإطار التنسيقي مع إيجاد حلول دستورية ما بين بغداد وأربيل بشأن الملف المالي والنفطي، وهناك سعي حقيقي للإسراع بتشريع قانون النفط والغاز، الذي سينظم العلاقة ما بين المركز والاقليم ويحل مشاكل خلافية كثيرة، لكن بشرط التزام الإقليم بهذا القانون وليس عدم التزامه كما يفعل كل مرة". 

 

وتعود الأزمة بين بغداد وأربيل، إلى مطلع الشهر الحالي، حيث أرسلت الحكومة الاتحادية، 500 مليار دينار لإقليم كردستان، لغرض توزيع الرواتب، لكن الأمر لم يسر على بشكل طبيعي، فقد رفض الإقليم المبلغ وبدأ بمهاجمة بغداد.

 

ونشر رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، سلسلة تغريدات هاجمت بغداد، وتعامل مع الحكومة الاتحادية على أنها بلد منفصل، فضلا عن اتهامه الحكومة بالامتناع عن إرسال "مستحقاتنا المالية المثبتة في الموازنة العامة الاتحادية، (مما) يعدّ انتهاكاً للاتفاقات الدستورية، ويلحق الضرر بمواطنينا، ويقوض الثقة"، حسب قوله.

 

وكثيرا ما ذكرت الحكومة الاتحادية وشركة سومو الحكومية المسؤولة عن تصدير النفط، بالإضافة إلى أطراف نيابية بأن أربيل لم تلتزم يوما بأي بنود وردت في الموازنة الاتحادية، وخاصة قضية الإيرادات النفطية والمنافذ الحدودية، ولم تسلم بغداد أي مبلغ مما نصت عليه الموازنة، فيما جرى تأجيل تصفية الحسابات بين بغداد وأربيل في موازنة 2021 إلى إشعار آخر.

 

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "هناك عدم ثقة ما بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وهذا هو أساس كل المشاكل، وهو سبب عدم الالتزام بأي اتفاق سياسي أو حتى قانوني، يأتي ضمن قانون الموازنة أو غيره من القرارات الحكومية".

 

ويشير جودة، إلى أن "استمرار الحوارات والزيارات ما بين بغداد وأربيل دون وجود الثقة لا فائدة منها، فنحن نرى هذه الزيارات والحوارات تجري منذ سنين طويلة، ونرى في نفس الوقت استمرار الخلافات والتصعيد الإعلامي المتبادل ما بين الأطراف السياسية بسبب عدم حسم القضايا العالقة ما بين المركز والاقليم".

 

ويتوقع أن "الأزمة ما بين بغداد وأربيل ستبقى مستمرة بسبب عدم وجود ثقة حقيقية، كذلك عدم وجود ضامن حقيقي لتنفيذ أي اتفاق سياسي أو تنفيذ حتى الاتفاقات القانونية الملزمة للجميع، فنحن نرى الآراء السياسية هي التي تدير العلاقة ما بين بغداد وأربيل وليس الآراء الدستورية والقانونية".

 

ومنذ سنوات، لم تحسم النقاط الخلافية بين بغداد وأربيل، لكن قبل أشهر كشف السوداني، عن التوصل إلى اتفاق مع أربيل حول هذه النقاط، وذلك إلى جانب تضمين منهاجه الوزاري حسم هذه البنود، وأبرزها تشريع قانون النفط والغاز وتنفيذ المادة 140 بشأن المناطق المتنازع عليها.