ديالى.. تنتظر نازحيها بخدمات وبنى تحتية ناقصة

ديالى.. تنتظر نازحيها بخدمات وبنى تحتية ناقصة

ديالى - العالم الجديد

بعد 9 سنوات من تركها منزلها، في ناحية بهرز بمحافظة ديالى،  تقف أم عمر (54 عاما)، أمامه أخيرا، وتخالجها مشاعر مختلطة، بين الحنين الذي قادها للعودة إلى الناحية، وبين الصعوبات التي تعانيها منطقتها وافتقارها للخدمات ونقص البنى التحتية، لكنها قررت العودة كحال عشرات العائلات الأخرى.   في العام
...

بعد 9 سنوات من تركها منزلها، في ناحية بهرز بمحافظة ديالى،  تقف أم عمر (54 عاما)، أمامه أخيرا، وتخالجها مشاعر مختلطة، بين الحنين الذي قادها للعودة إلى الناحية، وبين الصعوبات التي تعانيها منطقتها وافتقارها للخدمات ونقص البنى التحتية، لكنها قررت العودة كحال عشرات العائلات الأخرى.

 

في العام 2014، نزح نحو 6 ملايين عراقي من 6 محافظات وسط وغربي وشمالي البلاد، بعد سيطرة تنظيم داعش على مناطقهم، وعلى الرغم من تحرير الأراضي من سيطرة التنظيم فيما بعد، إلا أن الصعوبات والتحديات ما تزال قائمة، لكنها لم تمنع آلاف العائلات من العودة بدافع الحنين.

 

وتقول أم عمر، خلال حديث لـ"العالم الجديد": "لقد نزحت مع عائلتي، ومررنا بتجارب مريرة، حيث سكان في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة".

 

وتؤكد "مناطقنا ورغم تحريرها، لكنها تفتقر إلى الخدمات الأساسية، إلا أنه رغم هذا قررنا العودة لها، ومر على عودتنا 3 أشهر".

 

وسيطر تنظيم داعش على ناحية بهرز جنوبي بعقوبة، مركز محافظة ديالى (نحو 60 كلم شرقي بغداد)، في عام 2014، وخاصة مناطقها الزراعية وبساتينها، ما تسبب بتهجير سكانها، وجرت عمليات أمنية مباشرة لتحريرها، ودخلت القوات الأمنية العراقية وبدعم قوات التحالف الدولي آنذاك، بمعارك شرسة مع داعش، حتى تم تحرير الناحية في العام ذاته.

 

ولم تتوقف العمليات الأمنية ضد داعش في ديالى، حتى منتصف العام 2015، وخاصة في النواحي والأقضية المحيطة بمركز المدينة، وطيلة تلك الفترة وما تلتها،لم يعد أغلب الأهالي، بسبب التدمير والخراب الذي لحق مناطقهم ومنازلهم، جراء المواجهات العسكرية. 

 

وإلى جانب سيطرة داعش، شهدت بعض مناطق ديالى نزوحا في العام 2006، حيث اتخذ تنظيم القاعدة من بعض مناطقها معقلا له، ما تسبب بعشرات العمليات العسكرية ضد التنظيم في حينها، من بينها مقتل زعيمه أبو مصعب الزرقاوي في ناحية هبهب من نفس العام.

 

ويعلق محافظ ديالى، محمد التميمي، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، بالقول إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني نفذ زيارة إلى المحافظة، وتم إقرار خطة أمنية وخدمية تشمل جميع المناطق، إلا أن هذا الأمر مرتبط بعودة جميع المواطنين".

 

ويوضح التميمي، أن "الملف المهم لتوطين النازحين هو توفير المياه الصالحة للشرب، حيث تم مفاتحة المعنيين لشمول المحافظة بحصة استثنائية من المياه، لاسيما مع انخفاض مستويات المياه السطحية فيها وجفاف الانهر".

 

وكانت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو، أعلنت الأحد الماضي، استعداد وزارتها لغلق جميع مخيمات النزوح في إقليم كردستان في حال عودة شاغليها طوعيا إلى مناطق سكناهم الأصلية. 

 

وأعلنت وزارة الهجرة، في العام 2021، إغلاق كافة المخيمات باستثناء التابعة لإقليم كردستان ودعته لإغلاقها، لكن مسؤولين في الإقليم أكدوا أنهم غير قادرين على إغلاق المخيمات دون أن يتم إعمار مدن النازحين، وفقا لتقرير موسع نشرته "العالم الجديد" في وقت سابق.

 

صالح الجبوري، وهو أحد وجهاء ناحية بهرز في المحافظة، يؤكد خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "منازلنا ما تزال بحاجة إلى الترميم، حيث تركت الحرب بصمات واضحة عليها، كما أنه لا توجد فرص عمل تمكنا من توفير القوت اليومي".

 

ويلفت الجبوري، إلى أن "أغلب سكان المناطق الذين تعرضوا للنزوح، ما زالوا ينتظرون تنفيذ الوعود الحكومية، وخاصة قضية صرف المنح المالية".

 

لم تستبعد ويلات الحرب وآثارها المدمرة الأطفال أيضا، حيث يبين، أن "هناك عددا غير قليل من أطفال العائلات النازحة، قد بدأوا العمل بجمع العلب المعدنية في ديالى، والنبش في القمامة، حتى تحولت إلى مصدر دخل لأسرهم، على الرغم من إصابة بعضهم بمختلف أمراض الجهاز التنفسي والعدوى الجلدية".

 

وكان  وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، أعلن مؤخرا عن تشكيل لجنة بأمر ديواني لإعادة الأمن إلى ديالى، وبحسب بيان الوزارة فأن اللجنة تتولى حفظ الأمن والاستقرار والتأكيد على التعايش السلمي ونبذ الخلافات والتلاحم بين مكونات المجتمع في المحافظة.

 

وكشف مدير ناحية بهرز، نزار اللهيبي، في عام 2020 عن استحصال الموافقات لإعادة أهالي قرى بني زيد الواقعة بين ناحيني بهرز وكنعان، وبين أن القوات الأمنية أعدت خطة لتأمين القرى وتسريع عودة النازحين بالسرعة الممكنة. 

 

بالتوجه إلى ناحية أبي صيدا، فإن المنطقة، وبحسب محسن الأسدي، وهو أحد الوجهاء فيها، تعرضت إلى "نكبة بعد تجريف بساتينها خلال عمليات التحرير".

 

ويشير الأسدي، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إلى أن "تجريف البساتين أفقد المواطنين مهنتهم الأصلية وهي الزراعة، الأمر الذي تسبب بتردد الكثير منهم في حسم قرار عودتهم، علاوة على عدم الاستقرار الإداري الذي تعيشه المنطقة وهيمنة عناصر متنفذة عليها".

 

وكان برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، أعلن قبل أكثر من عام، عن تقديم فرنسا دعما ماليا إضافيا للعراقيين العائدين لمناطقهم بمقدار 882,425 يورو، وهو يشمل 27 ألف عراقي، ويهدف إلى تحسين الحقوق والظروف المعيشية التي تسهم في عودة مستدامة للعائلات من منطقتي سنجار والبعاج، التي لا تزال الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية إحدى العقبات الرئيسة التي قد تمنع العديد من المهجرين من العودة إلى مناطق سكناهم الأصلية.

 

إلى ذلك، يبين مدير دائرة الهجرة والمهجرين في ديالى سيف عمر، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "الحكومة العراقية دعت العوائل النازحة إلى العودة لمناطق سكنهم، وأن الكثير منها سجلت طلبات للعودة إلى مناطقها، إلا أنها تراجعت عنها".

 

ويوضح عمر، أن "أسباب التراجع عن العودة عديدة، منها افتقار الخدمات والدمار الذي لحق بالمناطق الأصلية، كما في بلدتي السعدية وجلولاء، وكذلك الثأر العشائري في أطراف المقدادية، فيما لا تزال المخاوف الأمنية تمنع نازحي قرية نهر الإمام من العودة"، مشيرا إلى أن "الوزارة شملت هذه العوائل بمنحة مالية تبلغ 2.5 مليون دينار (نحو 1600 دولار) إلى جانب المساعدات الأخرى من الوزارة والمنظمات الإنسانية".

 

وفي العام 2017، أعلن النصر على تنظيم داعش، وتحرير كافة الأراضي العراقية بعد عمليات أمنية كبرى، اشتركت في مختلف التشكيلات الأمنية، ما خلق ضرورة إعادة المدن المدمرة من قبل داعش، فضلا عن التدمير الذي لحقها جراء العمليات العسكرية خلال التحرير، وقد انطلقت الكثير من الحملات والمؤتمرات المحلية والدولية لإعادة الإعمار، بهدف غلق مخيمات النزوح.

 

أخبار ذات صلة