ظهور مفاجئ للمختطفة الإسرائيلية.. من يتحكم بالمشهد الأمني؟

ظهور مفاجئ للمختطفة الإسرائيلية.. من يتحكم بالمشهد الأمني؟

بغداد - العالم الجديد

مع ظهورها المفاجئ بفيديو مسجل أمس الأول الإثنين، أثارت المختطفة الروسية الإسرائيلية في العراق إليزابيث تسوركوف عاصفة من الغموض والجدل حول قضيتها، قابلها صمت حكومي محرج لعدم ضبط نشاط الفصائل خارج إطار الدولة، ويعتقد محللون سياسيون أن نشر الفيديو في هذا التوقيت وبعد مدة طويلة من اختطاف تسوركوف كان توظ
...

مع ظهورها المفاجئ بفيديو مسجل أمس الأول الإثنين، أثارت المختطفة الروسية الإسرائيلية في العراق إليزابيث تسوركوف عاصفة من الغموض والجدل حول قضيتها، قابلها صمت حكومي محرج لعدم ضبط نشاط الفصائل خارج إطار الدولة، ويعتقد محللون سياسيون أن نشر الفيديو في هذا التوقيت وبعد مدة طويلة من اختطاف تسوركوف كان توظيفا سياسيا بالتزامن مع الأحداث في غزة، فيما أشاروا إلى أن الفيديو سيرسم صورة قاتمة عن العراق في الخارج دلالته أن الحكومة لا تتحكم بالمشهد الأمني.

 

ويرى المحلل السياسي المقيم في واشنطن، نزار حيدر، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "توقيت نشر الفيديو في هذا الوقت بالذات وبعد أشهر على عملية الاختطاف، دليل واضح على أن الهدف منه هو التوظيف السياسي، خاصة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار بأن الاعترافات المزعومة لم تدل بها المختطفة أمام الأجهزة الأمنية أو القضائية الرسمية، إنما أمام عدسة عناصر الميليشيا التي اختطفتها، وهذا الأمر بحد ذاته يطعن بمصداقية كل ما ورد في المقطع".

 

وبثّت قناة الرابعة، أمس الأول الاثنين، تسجيلا فيديويا للمختطفة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف، هو الأول على الإطلاق منذ اختطافها قبل أشهر في بغداد في واقعة اتّهمت السلطات الإسرائيلية كتائب حزب الله الموالية لإيران بالوقوف خلفها، وظهرت تسوركوف في هذا التسجيل والذي يدوم أربع دقائق، وكانت تجلس على كرسي مرتدية قميصا أسود وتخاطب الكاميرا.

 

ويبين حيدر، أن "المقطع لم يحمل في ثناياه سوى كلام مرسل من دون أدلة أو وثائق أو صور تثبت ما تدلي به المختطفة التي تشير من خلال لغة الجسد إلى أنها تدلي به تحت تهديد البنادق، وليس بظروف نفسية وجسدية طبيعية، خصوصا وأن السوداني قد صرح في أيلول (سبتمبر) الماضي، وبعد ستة أشهر من اختطافها لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بأن عملية الاختطاف تضر بسمعة العراق وقدرة أجهزتنا الأمنية على حد قوله".

 

وكان السوداني، قال في أيلول سبتمبر الماضي، إن الحكومة لم تحدد الجهة المسؤولة عن خطفها، لافتا إلى أن "الحادث يضر بسمعة استقرار العراق وقدرة أجهزتنا الأمنية".

 

ويواصل نزار "كما أن العراق قد أعلن في تموز (يوليو) الماضي بأنه شكل لجنة خاصة لتعقب الخاطفين ومعرفة هوياتهم وانتماءاتهم وتحديد مكان المختطفة وطبيعة شخصيتها وهويتها التي لم تتفق الروايات الرسمية وغير الرسمية على توصيف واحد لها".

 

ويضيف "تأسيسا على التصريحات السابقة للحكومة، فقد فشلت في إنجاز أية خطوة تخص هذا الملف الشائك، وهو ما يثير الشكوك بمصداقية تصريحات مؤسسات الدولة في مثل هذه الحالات، وما إذا كانت متواطئة أم عاجزة".

 

ويعتقد المحلل السياسي، أن "نشر مقطع الفيديو الآن وضع الدولة وأجهزتها الاستخباراتية والأمنية والحكومة وشخص القائد العام في حرج شديد، أما الرأي العام العراقي والعالمي فيستغرب عدم نجاح الدولة لحد الآن في تحديد أي شيء يخص عملية الاختطاف على الرغم من مرور كل هذه المدة".

 

وكانت إسرائيل أعلنت في مطلع تموز يوليو الماضي أنّ تسوركوف مختطفة في العراق بعد أن سافرت تسوركوف في إطار بحث تجريه لإعداد رسالة الدكتوراه في جامعة برينستون الأمريكية.

 

من جهته، يؤكد الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "قصة المجندة الإسرائيلية تسوركوف ما زالت محيرة لدى الجميع، فهي دخلت بغداد بصفة باحثة ثم توجهت نحو فصائل المقاومة، والسؤال هو لماذا الفصائل؟، ثم اعتقلتها جهة عراقية مجهولة منذ أشهر عديدة وسط صمت حكومي".

 

ويتساءل الحكيم، أيضاً عن "سبب صمت إسرائيل 4 أشهر قبل أن تعلن عن فقدانها، ولماذا الآن في هذا الوقت بالذات، تخرج المجندة الإسرائيلية بعد أشهر من اختطافها بفيديو تكشف عن مطالبها لبعض الأطراف، إذن هناك غموض كبير يكتنف القضية".

 

ويضيف أن "قصة المختطفة ستضاف إلى سجل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الحافل، لأن هذا الفيديو يؤشر أن لا وجود للحكومة، بل هناك مجاميع مسلحة، هي من تتحكم بالمشهد الأمني في العراق وتعتقل كما تشاء، لذلك ينبغي أن يكون هناك موقف حقيقي للحكومة وأن تعلن عن خفايا هذه القضية".

 

ويشير إلى أن "ظهور المختطفة في هذا الظرف الحساس يعكس رسالة مبطنة للأطراف الخارجية أكثر من الأطراف الداخلية وبالتحديد إسرائيل وأمريكا"، لافتا إلى أن "الغموض الحاصل حول اختطاف المجندة سيضع حكومة السوداني في زاوية حرجة لا يحسد عليها أمام الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يكشف الأمر أن هناك أطرافا مسلحة لها اليد الطولى في العراق من دون سيطرة الحكومة التي اكتفت بوعود فضفاضة عن أنهاء ملف السلاح المنفلت لم تترجم على أرض الواقع".

 

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أمس الثلاثاء، إلى أن مقطع الفيديو الذي انتشر خلال الساعات الأخيرة، لم يتم التحقق من موعد تصويره، لكنه يشير إلى أن تسوركوف "لا تزال على قيد الحياة"، كما أوضحت أن المقطع تم تسجيله قطعا بعد السابع من أكتوبر الماضي، حيث تطرقت تسوركوف في حديثها بالفيديو، إلى الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، والذين تقول الحكومة الإسرائيلية إن عددهم يتجاوز 240 شخصا.

 

وفي مقطع الفيديو الذي تحدثت فيه بالعبرية وجاء بترجمة مكتوبة بالعربية، وجهت تسوركوف كلامها بشكل مباشر لعائلات الرهائن في غزة، وقالت إنهم "لو أرادوا رؤية أفراد أسرهم مجددا، عليهم وقف الحرب"، وطالبت عائلات الرهائن في غزة بـ"بذل الجهود المستمرة لوقف الحرب في غزة، من أجل أبنائكم وبناتكم. هذه الحرب يديرها نتانياهو بغباء عبر زوجته سارة وابنه يائير، وستقود إلى قتل الرهائن. لو أردتم عودة أبنائكم وبناتكم أحياء، يجب أن تتوقف الحرب".

 

بالمقابل، يوضح المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "قضية الأسرى والرهائن تلقى اهتماما كبيرا بالنسبة إلى إسرائيل والدول الغربية، والرأي العام هناك يتأثر بشكل كبير بها، ونشر الاعترافات بهذا التوقيت سيعطي صورة بأن الجهات السياسية والمسلحة التي تدعم حماس هي من تقوم بعمليات الخطف والابتزاز".

 

ويبين الدعمي، أن "هذا الأمر سيخدم إسرائيل أكثر مما يخدم المقاومة الفلسطينية، على المستوى الدولي العام، بمعنى أن انتشار هذه الصور في أوروبا التي تظهر المختطفة تحت سيطرة فصائل مسلحة، يعني أن الوضع الأمني في العراق ليس تحت سيطرة الجهات الأمنية الحكومية".

 

ويضيف أن "نشر هذا الفيديو بهذا التوقيت ستتبعه له تداعيات دولية تجاه العراق، خصوصاً أنه سيحرج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشكل أكبر أمام المجتمع الدولي، إذ سيثبت إخفاق السوداني وحكومته في تحرير هذه المخطفة منذ أشهر طويلة".

 

يشار إلى أن الفصائل المسلحة في العراق، دخلت على خط أزمة غزة منذ البداية، وعادت لاستهداف القواعد الأمريكية في بغداد وأربيل، فضلا عن الموجودة في الأراضي السورية، ويجري الاستهداف بشكل يومي عبر الطائرات المسيرة.