خمس سنوات مضت على واحدة من أبشع جرائم تنظيم داعش الإرهابي، قصف أهالي ناحية تازة خورماتو في كركوك بغاز الخردل، في تكرار لسيناريو مشابه نفذه النظام البعثي، الرحم الخصب لداعش، قبل 28 عاماً عندما قصف مدينة حلبجة بغاز الخردل في آذار 1988.
في آذار 2016 استخدم إرهابيو داعش صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون الكيمياوية لقصف تازة خورماتو، فالنظام البعثداعشي بعد العام 2003 أضعف مما كان عليه في عصره الذهبي خلال القرن الماضي، إذ لو كان يمتلك طائرات مروحية كما كان النظام السابق، أو طائرات مسيرة كما حصل عليها فيما بعد لأباد الحياة بكل أشكالها في تلك الناحية المنكوبة كما فعلها سابقاً في حلبجة.
كل جرائم النظام السابق مريعة وتصنف كإبادة جماعية لكن بعضها أصبحت محطات يقف عندها الضمير الوطني والإنساني “شعبياً”، مثل كيمياوي حلبجة والمقابر الجماعية وإبادة وتهجير الكرد الفيليين وتهميش المسيحيين وغيرها الكثير، أما على المستوى الرسمي فللسياسة دورها الفاعل في تحديد ما يستوجب أن نقف عنده ونحييه سنوياً، وما لا يستحق الاهتمام.
جرائم داعش هي الأخرى بشعة وإبادة جماعية، لكن أيضاً بعضها باتت محطات يجب علينا النظر إليها بإنسانية أشمل وأوسع، أو على أقل تقدير أن لا نميز بينها وبين غيرها، فنكبة الإيزيديين وما حل بتلعفر ونساءها وكيمياوي تازة تستدر دموع ومشاعر أي إنسان حقيقي لم يتلوث ضميره بالتمييز والمكاسب، فهل ساوينا في تعاطفنا بين إبادات البعث وداعش في الاستذكار كأضعف الإيمان؟.
الأخوة الكرد يستذكرون جريمة حلبجة بدقيقة صمت سنوياً فتجد الجميع يقف حتى من يقود سيارته في شارع عام، فهل أحيا بعضنا يوم المقابر الجماعية بقراءة سورة الفاتحة على الضحايا؟، نجح السياسيون الكرد في تحويل حلبجة إلى إيقونة القضية الكردية في المحافل الدولية فهل تحرك غيرهم في هذا المسار؟، دول عدة تبنت علاج ضحايا الكيمياوي الصدامي جسدياً ونفسياً، وبعد سقوط النظام نالوا شيئاً من استحقاقاتهم، لكن هل نال ضحايا الكيمياوي الداعشي أي اهتمام؟، حظيت النكبة الأيزيدية باهتمام عالمي وبرامج تأهيل للضحايا فهل يعرف العالم ما حدث لنساء تلعفر؟.
وأنا أطرح هذه الأسئلة لم أسمع إجابة إلا من جدران الغرفة التي أكتب فيها.