غالبا ما أقول ان الصياغة التشريعية فن وحرفة، والقاعدة القانونية إجمالا تتكون من عاملين اساسيين هما عامل الادراك المتعلق بالمعرفة الجوهرية لموضوع القانون أي بالمادة الاولية التي ينبثق منها القانون وعامل الصياغة التي تأخذ على عاتقها مهمة اخراج هذه المادة ومدركاتها الى واقع تشريعي وقانوني عبر وسائل وادوات فنية من اجل بناء القاعدة القانونية والتعبير عنها بما يسمح ان تكون صالحة للتطبيق، واضحة المعنى وتجسد الغاية المقصود منها.
وليس من المبالغة القول، ان هذين العاملين لم يتوافرا غالبا في القوانين العراقية، وقدمنا أكثر من ذات مرة شواهد عدة تشير الى هذه الحقيقة.
بالامس أثار انتباهي غياب هذين العاملين في القانون الانتخابي المسمى جدلا بقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات رقم 12 لسنة 2018 المعدل بفعل التعديل الثالث رقم 4 لسنة 2023.
وساخصص في مقالات عدة لاحقة عن الأخطاء التي وقع فيها مجلس النواب العراقي في تشريعه لهذا القانون.
اما في هذه المقالة، سأتحدث عن الخطأ الذي وقع فيه القانون في البند ثالثا من المادة (14) وفي معالجته المسألة الشغور لمقعد المرأة حين نص على الاتي:
(إذا كان الشاغر يخص امرأة فيشترط ان تحل محلها امرأة أخرى من نفس القائمة الانتخابية).
وهذا النص فيه اخطاء عدة:
1. ان النص لم يفرق بين مقعد المرأة الذي يخص كوتا المرأة وبين مقعد المرأة التي تفوز به خارج حصة الكوتا.
فإذا كان المقعد الذي يخص المرأة خارج حصة الكوتا فلا يشترط ان يكون البديل امرأة بل (امرأة او رجل) من أعلى الخاسرين في قائمتها، الانتخابية وهو ما لم يجر في بال المشرع.
2.اذا كان المقعد المخصص للمرأة ضمن مقاعد الكوتا ولكن شغور مقعدها لا يخل بنسبة تمثيل المرأة 25% من المقاعد في دائرتها الانتخابية، حينها أيضا لا يشترط ان تحل امرأة محلها بل أعلى الخاسرين من قائمتها ( امرأة او رجل) عملا باحكام قرارات المحكمة الاتحادية التي عالجت هذه المسألة ومنها قرار المحكمة 8 /اتحادية/2019 وبنص الفقرة (و) من البند (ثالثا) من المادة (15) “اذا استفذت الكوتا النسوية لكل دائرة انتخابية وفقا النتائج الانتخابات فلن تكون هناك عملية استبدال”.
لن هذا الخطأ الجسيم قد انعكس على نظام توزيع المقاعد الذي أصدرته المفوضية رقم (9) لسنة 2023 وهنا لا الوم المفوضية لأنها جهة تنفيذية وتنفذ ما يملي عليها القانون لكني أضع اللوم على القانون نفسه الذي لم يراع قرارات المحكمة الاتحادية الباتة والملزمة بهذا الشأن اوعدم الانتباه الى التعارض بين نصوصه.
د.باسل حسين.. رئيس مركز كلواذا للدراسات وقياس الرأي العام العراقي