لم يكن سهلا أمر اتخاذي قرار الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، فقد نصحني المقربون بعدم خوض هذه التجربة لكوني لست ضمن معادلة التوافق الحزبي، لكنني بعد التفكير، والرغبة في إحداث التغيير، دخلت ضمن المتنافسين للحصول على هذا المنصب السيادي الكبير.
وقبل الولوج بتفاصيل كيفية الترشح وما رافقه من ضغوطات، أود الإشارة الى أني ومنذ العام ٢٠١٤ أتعرض لحملة تشويه وتسقيط سياسي من قبل الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان العراق، فقد شكل الحزبان غرفة عمليات مخابراتية واعلامية بامكانيات مالية ونفسية كبيرة للنيل من سمعتي، وإخراجي من دائرة القيم التي يعتز بها مجتمعنا في كردستان والعراق بشكل عام، مستخدمين أقذر الوسائل التي تناسب عقولهم المريضة، دون أن ينالوا شيئا من عزيمتي المستمدة من الثقة بالنفس والجمهور الواسع الذي أعتز به.. أرضوا أنفسهم لكنهم فشلوا في هزيمتي، ولن يحصدوا الا المزيد من الاحباط في المستقبل.
أنا سروة عبد الواحد عراقية الهوى والطموح.. كردستانية الولاء والانتماء.. هذه الحقيقة هي التي تبني لي غدا بلا مخاوف أو مساومات.. لقد حان وقت إعادة ضبط البوصلة القديمة للاحزاب التاريخية.
كنت أعلم جيدا تعرضي للضغوطات والتي قد تصل الى حد التهديد والاتهام بالخيانة، لكنني وددت إيصال رسالة الى المجتمع الدولي، فحواها، أولا: ان نساء العراق قادرات على المواجهة، وثانياً انها رسالة الى الحزبين الحاكمين في الاقليم بانهما لا يمثلان الشعب الكوردي، فهناك احزاب وجهات أخرى شريكة لهم في الاقليم.
الاتحاد الوطني وضمن غرفة عمليات تم الاعداد لها مسبقا تكونت من أجهزة مخابراتية وفريق اعلامي عربي عمل للترويج ضدي، بالإضافة الى الوفد السياسي القادم الى بغداد وممارسته الضغط على الكتل السياسية، مضافا الى استخدام المال السياسي أيضا لايصال مرشحهم الى المنصب. في المقابل لم يكن لدي اي من هذه الأمور، سوى محبة الناس، وعدد من المثقفين والصحافيين ونخبة المجتمع التي تسعى لاحداث التغيير الحقيقي في العراق، وقفوا بكل شجاعة للدفاع عن هذا المبدأ رغم أنهم وفي قرارة أنفسهم يعلمون بصعوبة النجاح والمهمة.
في تلك الأثناء، أصبح موضوع الانسحاب الشغل الشاغل للحزبين، لم يضغطا كثيرا إلا أنهما طالبا بالانسحاب كي يكون للكورد مرشح واحد، وعندما تيقنوا بأن المرشحين الآخرين لن ينسحبوا، تركوا أمر انسحابي أيضا، إلا أن الاتحاد الوطني وللحظة الأخيرة استمر بالضغط والمساومة وعرض علي وزارة الثقافة في حال انسحابي.. ولأن هدفي لم يكن شغل موقع حكومي بقدر ما كان هو الإصرار وعدم التنازل عن مبدأ إحداث التغيير، فضلا عن رغبتي بعدم التخلي عن كل من وثق بي، لتحقيق الهدف الذي نصبو اليه معا، فقد أصبح أمر انسحابي من المنافسة مستحيلا، لأنه لم يعد يخصني وحدي فقط، بل أصبح متروكا للداعمين والمبادرين بالتصدي للهيمنة الحزبية في العراق، وللباحثين عن مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم، فأعلنت المضي في المهمة الشاقة الى النهاية، ولم انسحب رغم كل محاولات التسقيط والتشويه، لكن النتيجة كان حصولي على عدد من الأصوات داخل المجلس النواب الموقر، والتي دلت على عدم اكتراث أصحابها بالميول الحزبية والجهوية الضيقة، وبكل ما سمعوه بشأني، وأصروا على الوقوف معنا ومع مشروعنا الذي نال شرف الدعم الشعبي الذي سأظل أفتخر به ما حييت، فتلك كانت أكبر النعم علي منه سبحانه وتعالى.
إذا لم نتمكن من النجاح فهذا لا يعني عدم القدرة على تحقيقه، والوصول الى الإصلاح والتغيير المطلوب، عبر إرادتنا وإصرارنا، وحث الشباب على المشاركة الواسعة في خلق الرأي، وتكوين مجموعات للضغط من أجل مستقبل مشرق، فشعبنا يستحق كل ما هو أفضل.