أنشر هنا فقرات منتقاة من مقالة موثقة تحتوي على معلومات ثمينة جدا حول الوضع المتأزم في فنزويلا حيث النظام اليساري البوليفاري يتعرض لعدوان أميركي وشيك ومعلن، ومع هذه الفقرات أنشر مقارنات سياقية مع الوضع العراقي. لن أعلق على استنتاجات كاتب المقالة -طلال الربيعي – ولكن يهمني أن أقتبس منها هذه الفقرات التي يفهم منها وبسهولة ووضوح أن الاقتصاد الريعي في الدولة النفطية هو كارثة معلقة على رؤوس الشعوب، ومتى ما حاولت هذه الشعوب أن ترفع رأسها تُرِكَت صخور الريع النفطي تسقط عليها، مستغلة تقصير الأنظمة الحاكمة وذات التوجهات التقدمية. أما في حالة العراق فإن وجود حكم تابع وفاسد وحليف للولايات المتحدة، يقود نظاما رجعيا طائفيا ممزقا للمجتمع والوطن ومُضْعِفا للبلاد يكون كافيا لتمديد فقرة تعليق تلك الصخور وإسقاطها على رؤوس العراقيين إذا حاولوا استعادة استقلالهم وسيادتهم ذات يوم!
*إن هذا الواقع الراهن والمؤقت لا يجب أن يدفعنا الى اليأس أو التيئيس وفقدان الأمل في المستقبل العراقي لمن يريد الاستقلال والحرية بل يعني شحذ همم الاستقلاليين والأحرار لرمي الحكام التابعين ومعهم صخور أسيادهم في هوامش التاريخ والبدء بخوض معركة التحرير الحقيقي واستعادة العراق من قبل شعبه وإلا فإن فترة العبودية والتبعية للغرب واميركا ستطول أكثر مما يتصور البعض:
*اقتباس 1: (الولايات المتحدة تتحدث في العلن تماما عن نيتها في إحداث انقلاب في فنزويلا. ثانياً، يستند الانقلاب على سلسلة من الأكاذيب الواضحة، ومع ذلك يستمر الحزبان، الجمهوري والديموقراطي، في واشنطن، مع بعض الاستثناءات القليلة، في تكرارها).
-تعليق1: في حالة العراق لا تحتاج الولايات المتحدة الى التهديد بانقلاب في الوقت الحاضر، لأن الحكم القائم على التزوير الانتخابي واسع النطاق والفساد المالي والإداري الشامل وانخفاض نسبة المشاركة إلى ما دون العشرين بالمائة و”التخليف” الحضاري والتلوث البيئي وانتشار الأمراض الفتاكة والأقرب إلى الأوبئة، والرثاثة السياسية والثقافية والأخلاقية المعممة تكفي أميركا وتزيد.
* اقتباس 2 (كان من المقرر إجراء الانتخابات بما يتفق مع الدستور الفنزويلي وبالتشاور مع أحزاب المعارضة. عندما أصبح من الواضح أن المعارضة لم تتمكن من الفوز في الانتخابات، قررت، تحت ضغط من الولايات المتحدة، مقاطعة الانتخابات من أجل تقويض شرعيتها. الحقائق هي 9،389،056 اشتركوا في الانتخابات، اي 46 ٪من الناخبين المؤهلين. شارك ستة عشر حزبا في الانتخابات مع ستة مرشحين تنافسوا على الرئاسة).
-تعليق 2: في العراق لا يسمح النظام بوجود معارضة وموالاة لأن الدولة والدستور والعملية السياسية قائمة على تشارك ومشاركة زاعمي تمثيل الطوائف والعرقيات وليس على أساس المواطنة كما في فنزويلا ولذلك فالانتخابات في العراق هي عملية إعادة تدوير نفايات التمثيل الطوائفي والعرقي ولا عبرة لنسبة المشاركة سواء انخفضت أو ارتفعت فوق العشرين بالمائة ولا عبرة للمراقبة والاعتراض. ويمكن في هكذا نظام أن يكون السياسي والمسؤول التنفيذي في الحكم والمعارضة معا وحسب مصالحه الشخصية والطائفية والعرقية.
*اقتباس 3: (تمت مراقبة العملية الانتخابية من قبل أكثر من 150 مراقب انتخابي. وشمل ذلك 14 لجنة انتخابية من ثمانية بلدان من بينها مجلس الخبراء الانتخابيين في أمريكا اللاتينية؛ بعثتين انتخابيتين فنيتين؛ و18 صحافيا من مختلف أنحاء العالم، من بين آخرين. ووفقًا للمراقبين الدوليين، “كانت الانتخابات شفافة للغاية وتم الالتزام بالمؤشرات الدولية والتشريعات الوطنية”).
-تعليق 3: لا توجد أية معطيات موثقة بخصوص مراقبة الانتخابات التشريعية أو المحلية في العراق، وليست هناك تقارير موضوعية ومفصلة باستثناء بعض البيانات العامة والإنشائية لممثلية الأمم المتحدة ” يونامي”!
* اقتباس 4 (فنزويلا لديها واحدة من أفضل الأنظمة الانتخابية في العالم. لا يمكن الاحتيال على الناخبين، حيث يتطلب الأمر ابراز الهوية وبصمات أصابع لكل ناخب. يتم تدقيق آلات التصويت قبل وبعد الانتخابات مباشرة. تفعل فنزويلا شيئًا لا تفعله أي دولة أخرى في العالم – وهي مراجعة عامة للمواطن لعينة عشوائية من 53٪ من آلات التصويت المتلفزة. وقعت جميع الأحزاب الـ 18 على عمليات التدقيق). (وقد استخدم نظام التصويت الفنزويلي هذا ذاته في الانتخابات التي خسرها حزب مادورو في انتخابات المحافظين والتشريع).
-تعليق 4: في العراق يُستعمل الحبر البنفسجي ويطالب الناخب بإبراز وثيقة الهوية الشخصية أو بديلها الرسمي (والبديل الرسمي سهل التزوير قطعا) ولكن لا تتم أية مراجعة لعينات عشوائية من صناديق الانتخابات. فهذا أمر غير وارد كشرط إجرائي لا بد منه بل أن جميع الفضائح التي أثيرت حول تزوير الانتخابات الأخيرة والمناورات والتداعيات التي حدثت لم يجبر هيئة الانتخابات العراقية إلا على إعادة فرز وعد لنسبة منخفضة جدا من الأصوات لا تتجاوز 10%.
* اقتباس 5: فاز مادورو بهامش واسع، حيث حصل على 6،248،864 صوتًا، 67،84٪. يليه هنري فالكون بـ 1،927،958، 20.93٪؛ خافيير بيرتوتشي مع 1،015،895، 10.82٪؛ ورينالدو كويجادا، الذي حصل على 36،246 صوتًا، بنسبة 0.39٪ من الإجمالي.
-تعليق 5: إضافة إلى ما سبق فالدستور الفنزويلي يعطي الحق للرئيس بحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية، ولكن مادورو لم يلجأ لاستعمال صلاحياته الدستورية ويحل البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة اليمينية والحليفة للولايات المتحدة رغم أن رئيس البرلمان نصب نفسه رئيسا بديلا وخلع الرئيس المنتخب وهذه جريمة يعاقب عليها القانون في أغلب دول العالم، ورغم كل ذلك، ورغم نتائج الانتخابات التي فاز بها مادورو، فقد بادر البرلمان الأوروبي (في أوروبا أم الديموقراطية وأبوها) واتخذ قرارا غير ملزم اعترف فيه بزعيم المعارضة الفنزويلية ورئيس البرلمان خوان غوايدو رئيسا لدولة فنزويلا، علما أن الدول الأوروبية وبرلمانها الأوروبي لم يشككوا ولو للحظة واحدة بالانتخابات الرئاسية الفنزويلية ولم يرفضوها قبل العدوان الأميركي الأخير ولكنهم اتخذوا قرارهم هذا مقدمين درسا قذرا في الديموقراطية لشعوب العالم أجمع، ومع الاحترام للنواب المائة وخمسة الذين صوتوا ضد القرار مقابل 425 نائبا صوتوا معه، وهذا درس للدونيين المأخوذين بالديموقراطية واللبرالية الغربية عساهم يفيقون من دونيتهم. لقد بصقت الديموقراطيات الغربية ممثلة بالبرلمان الأوروبي على نفسها وعلى تاريخها ولم تترك لنا الفرصة لفعل ذلك، وحسنا فعلت بكشف حقيقة ديموقراطيتها المعادية للشعوب كما كانت منذ حملات الاستعمار الكبرى والإبادة المبرمجة لسكان أميركا الأصليين وصيد ملايين الأفارقة وبيعهم!
* اقتباس6: عقوبات الولايات المتحدة كلفت فنزويلا ما يقرب من ستة مليارات دولار منذ أغسطس العام الماضي وفقا لاحد التقارير. وحظرت التدابير الأميركية المتخذة ضد صناعة النفط في البلاد شركة CITGO المملوكة للأغلبية الفنزويلية من إعادة الأرباح إلى فنزويلا، وهي خسارة تبلغ مليار دولار للحكومة سنوياً. والآن، يرفض بنك إنجلترا إعادة احتياطي الذهب البالغ مليار ومائتي مليون دولار بعد أن قام المسؤولون الأمريكيون، بمن فيهم وزير الخارجية مايكل بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، بممارسة الضغط للحيلولة دون حصول فنزويلا على احتياطها الخارجي.
تعليق 6: لماذا لا يأخذ حكام المنطقة الخضراء العبرة من هذه السرقات والمصادرات ويسترجعون سيادة العراق على أمواله في الخارج ومنها أموال عائدات النفط التي يجب أن تذهب الى البنوك الأميركية أولا؟ أم أنهم يخشون طردهم من الحكم؟ الإجابة واضحة وهي أن هؤلاء الحكام تابعون بالتمام والكمال للولايات المتحدة ويأتمرون بأمر السفير الأميركي ببغداد!
* اقتباس 7: في سبتمبر 2018، أشارت فنزويلا إلى وجود حملة إعلامية زائفة تضخم حجم الهجرة من فنزويلا. وسلطت الاضواء على إحصائيات مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين لتأكيد أن فنزويلا لديها أقل عدد من المهاجرين الاختياريين في القارة. وأشارت إلى أن 5.6 مليون كولومبي فروا من العنف في بلدهم ويعيشون في فنزويلا. فنزويلا لديها برامج ساعدت آلاف الفنزويليين على العودة إلى ديارهم.
التعليق 7: أليس هناك تقصير فنزويلي في الجبهة الإعلامية لتختفي هذه الحقائق في ما يخص الهجرة، إذا كانت هذه الأرقام صحيحة؟ أم ان شراسة الهجوم الإعلامي اليميني العالمي وخصوصا في أوروبا الغربية واميركا حال دون أن ينجح الإعلام الفنزويلي في إسماع صوته ونشر هذه الحقائق في العالم؟
* اقتباس 8: الاشتراكية تعزز الاقتصاد. في الواقع، فإن أحد الانتقادات لفنزويلا هو أن العملية البوليفارية تتحرك ببطء شديد من أجل خلق اقتصاد اشتراكي. هناك حاجة لتأميم المزيد من القطاعات ووضعها تحت السيطرة الديمقراطية للشعب.
-التعليق 8: هذه الملاحظة النقدية الخجولة والمحدودة المضمون تأخذ بنظر الاعتبار تعرض جمهورية فنزويلا للعدوان الإمبريالي حاليا وقد نتفق مع نوايا صاحبها ولكن الحاجة ستبقى ماسة للنقد العميق والشامل للتجربة الفنزويلية من مواقع اليسار والتقدم وهذا ما سنتوقف عنده مفصلا في مناسبة أخرى أما الآن:
* فكل التضامن مع الشعب الفنزويلي ودفاعه عن سيادته واستقلاله وثرواته وتجربته ورئيسه المنتخب ديموقراطيا!
*الصورة من التظاهرات الحاشدة في العاصمة الفنزويلية يوم أمس بمناسبة الذكرى العشرين لبدء التغيير الثوري البوليفاري ورفضا وتحديا للعدوان الأميركي الجديد.
1-رابطان يحيلان إلى النص الكامل للمقالة:
http://www.albadeeliraq.com/ar/node/1781
http://m.ahewar.org/s.asp?aid=626279
2-رابط يحيل إلى تقرير رويترز عن قرار البرلمان الأوروبي المعادي لفنزويلا وقيادتها وتجربتها الديموقراطية اليسارية.