صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أول وآخر الهموم.. شوارع الخضراء

بت مقتنعاً إن السيد عادل عبد المهدي بات مقتنعاً بأن أول وآخر هموم المواطن العراقي هي شوارع المنطقة الخضراء، إن كانت مفتوحة أو مغلقة وأوقات الفتح، ذلك إن المواطن الكريم شغوف بمعرفة كيف خرج لنا كل هذا الجحيم من منطقة ضلّت أسرارها عصيّة عليه رغم كمية وحجم الفضائح التي تخرج من خلف جدرانها يومياً.

خلال شهر واحد أصدر السيد عبد المهدي ثلاثة قرارات تأريخية تتعلق بزيادة ساعات فتح شوارع منطقة الاسرار، لتصل ساعات الفتح المبين حتى التاسعة صباحاً، وهو وقت حركة السادة المسؤولين ليّلقطوا أرزاقهم من مال العراق الوفير عليهم والشحيح علينا.. وهو وقت ينبغي أن لاينزعج فيه هذا الرهط من المسؤولين من حركة المواطن البطران الذي لديه الكثير من ترف الوقت ليتجوّل في متاهات المنطقة الخضراء متخلصاً من شوارع بغداد المخنوقة بالسيارات والتلوث البيئي.

قرارات جريئة لرجل دولة يشاهد بفكر ثاقب وعين لاتخطئ مشاهدة الأهوال، إن كل الكارثة العراقية هي الشوارع المغلقة في منطقة التحصّن الأمين لطبقة سياسية أغلقت كل دروب الأمل أمام المواطن، آلا درب الدخول من الجسر المعلق والعودة من حيث دخل برحلة استجمام تأخذ من وقته الثمين عشر دقائق في الغالب الأعم!

لا أدري إن كانت جغرافية الفتح كما ذكرتها أم لها جغرافية أخرى فالدخول من جهة الجسر المعلق لاأدري إلى  أين تقود مخارجها، لكن الأكيد إنه الإختراق الرسمي الأول للخضراء بعد الاقتحام الشعبي رغم التباساته السياسية والفروقات بين الاختراق والإجتياح لغوياً ودلالات سياسية!

لتذهب الكابينة إلى الجحيم والتجول الحر للأميركان والإيرانيين في شوارع بغداد إلى صندوق السيادة الكاملة، المتخم هو الآخر بالأسرار اللعينة، وفقراء النفايات إلى أحلامهم المتواضعة،والفساد إلى خزانات الخطوط الحمر، وعقارات الدولة إلى أصحابها الشرعيين المنبثقين من أوراق التزوير والإستيلاء الحر على أملاكنا، والدولة العميقة إلى مؤسساتها الخاصة القوية والمتينة البناء والتشكيل، لتقود البلاد فيما نستلقي على ظهورنا من الفرح والضحك ونحن نتجول في متاهات شوارع المنطقة الخضراء.

قرارات تحسب له في فترة زمنية مشحونة بالصراعات وكسر الإرادات والتكالب على المناصب من أجل العراق الحر الجديد والتلويح بالجيل الرابع أو الخامس من الإرهاب والإرهابيين.

ماذا يهمنا من كل هذا الخراب الذي يعشعش على صدورنا في هذي البلاد المتخمة بالأسرار والفضائح، أسرار ضياع البلاد وفضائح طبقة سياسية فاسدة ورثّة ومعدومة الضمير، تبتسم في وجوهنا عبر الشاشات وتختفي في جحورها في ساعات فتح الشوارع مكتفية بالتفرج من النوافذ المغلقة على مواطنين مندهشين من حرية التجول في المناطق الأكثر غرقاً وإنتاجاً لكل الكوارث التي مرّت في البلاد منذ جريمة بوش بإسقاط الدولة وبقاء النظام نفسه تحت واجهة تسميات مختلفة.

وفوق هموم عبد المهدي سيتنطع لي الصديق جمال كريم بإسحاراته الجميلة ليلاحقني بإصرار عجيب على تلك الكلمات الممنوعة من الصرف التي أصرفّها أنا على  راحتي نكاية به.

أقرأ أيضا