صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أي مفخرة في الشذوذ؟

“رفع علم الفخر”!.. هذا ما قررته وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً بالسماح لسفاراتها في العالم رفع خرقة الألوان السبعة الخاصة بالمثليين جنسياً!.

حقيقة تسمية مستفزة لأي إنسان سويّ، فما هو الفخر بشيء شاذ ومنافي للطبيعة البشرية والثوابت الاجتماعية، إن كان في الشذوذ مفخرة إذاً سقطت كل القيم والمعايير وباتت كل الممارسات السوية وغير السوية مدعاة للتفاخر وحتى الخروج على القانون والسلاح المنفلت والإرهاب كلها مفخرة، وسنجد على سفارات المتحضر آلاف الأعلام والخرق؟.

أنا ضد الأعمال الوحشية التي ارتكبت ضد الشاذين جنسياً من قبل بعض البدائيين الذين لا يفهمون شيئاً غير القتل والعنف والتنكيل بالإنسان، بل أنني ضد حتى العقوبات القانونية المعلومة بها في العراق، فهؤلاء ليسوا مجرمين بل هم ضحايا لخلل بايلوجي أو سايكولوجي، فبعضهم أصبحوا كذلك بسبب اضطراب الهرمونات، والبعض الآخر دفعتهم بيئتهم العائلية أو الاجتماعية إلى هذا الانحراف، وبالتالي على الدولة والمجتمع معالجتهم وليس معاقبتهم على ذنب لم يقترفوه.

حتى عقود قريبة من الزمن، كانت السلطات السياسية والقضائية والدينية والمجتمعات الغربية رافضة للشذوذ الجنسي ولا تسمح به وتعاقب عليه، كما حدث مع عالم الرياضيات البريطاني آلان تورنغ، الذي يعد الأب الروحي للحواسيب، حيث خيره القضاء البريطاني بين السجن أو تعاطي الهرمونات حتى أثرت على صحته ومن ثم تم إخصائه كيميائياً، وبعد أن نشطت حركة الشذوذ –قبل تجميلها بمسمى المثلية الجنسية- كانت المجتمعات والأنظمة ترفضهم من منطلق مخالفتهم للطبيعة البشرية وأيضاً لكونهم لا ينتجون عائلة، فكانت ذريعة الشاذين أنهم يتبنون الأطفال من دور الأيتام، وهو حقيقة ذريعة أشد من الذنب، تبنى طفل لا يعني إنتاج وتكوين عائلة فالطفل موجود بالأساس، والأهم حين ينمو الطفل ويترعرع بين رجلين أو امرأتين شاذين فما هو مستقبله غير الشذوذ؟.

قبل فترة قرأت قصة فتاة كردية عاشت طفولتها وصباها كذكر وفي مرحلة المراهقة والنضج الجسدي تبين أنها أنثى وبدت معالم الجسدي الأنثوية تظهر عليها فظن أشقائها أنها شاذة جنسياً وكادوا أن يقتلوها لولا مساعدتهم أمها وتهريبها إلى تركيا وهناك أجرت عملية جراحية لتكتمل أنوثتها الطبيعية وليست التحولية، وفي حينا القديم كان هناك فتاة بكامل أنوثتها الجسدية والصوتية لكن ميولها ذكورية، وفي مجتمعنا مثل هكذا توجه يلقى ترحاباً بل لربما يفخر رجال العائلة بأن ابنتهم ذكر، وقررت أخيراً حسم أمرها وباتت ترتدي ملابس الرجال وأصبحنا نراها في الشارع مع أصدقاءها الذكور وهي بكامل ثقتها بنفسها، فما ذنب الأولى حتى كادت تقتل وما ذنب الثانية التي شجعها أهلها على نزوة، وما زلت حتى الآن أتساءل أما زالت رجلاً “افتراضياً” أم ساورتها مشاعر الندم؟.

نعود للعلم الشاذ، تتعرض المرأة منذ الأزل لكل أنواع الاضطهاد وحتى يومنا هذا، فهل قامت الدول والمجتمعات المتحضرة المتنورة برفع علم لها، كذلك حال الطفل فالعنف الأسري صفة ملازمة للبعض منذ زمن سحيق فهل شاهد علماً ينصر الطفل، وليس حال الفقير ببعيد، ولا التمييز العنصري أو الديني أو الثقافي أو الاقتصادي استثناء من ذلك، فأين هي أعلام هذه الفئات البشرية المضطهدة حقاً وصدقاً وبحاجة لمن يرفع عنها الظلم وليس يرفع لها راية؟.

أقرأ أيضا