صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

إغلاق 9 متاجر عالمية في لبنان…يا ضيعانك يا بيروت

“بيروت زهرة في غير أوانها، ما احلاها وما أحلى زمنها، بيروت يا حينها ويا ضيعانها تذبل على أمها وتموت بيروت…ما في عمل ما في أمل برك الجمل ركب النحس تجار بيروت…الجهّال حاكمين والأرذال عايمين والأنذال عايشين والأوادم عما تموت يا ضيعانك يا بيروت…” بهذه الكلمات الحارقة وصف الشاعر الراحل عمر الزعبي واقع بيروت منذ ما يقارب الـ80 عاماً، وللأسف كم تشبه هذه الأغنية واقعنا المرير اليوم.

 

بيروت التي تحاول إلتقاط أنفاسها بعد كل الويلات تتعثر كلما حاولت النهوض، فالبؤس يحاصرها من كل النواحي. حتى العبارة- العزاء “كله رايح المهم الصحة منيحة” لا تصلح في هذا البلد الذي يقبض وباء كورونا على أنفاسه ويشل حركته ويعطل عجلته الإقتصادية غير الصالحة أساساً.

 

تأتي أزمة الدولار لتزعزع ما تبقى من أمن اجتماعي في لبنان،  فزاد الحصار على الناس وارتفعت الأسعار بشكل جنوني وفُقدت بضائع عدة من الأسواق وأُقفلت العديد من المؤسسات التجارية والحبل على الجرار.

 

عجلة الإقتصاد تدور إلى الوراء أما عجلة وقاحة حكام لبنان، الذين يعيشون في كانتوناتهم المعزولة في حال انفصال تام عن الواقع، فهذه العجلة لا شيء يكبح جماحها.

الإقتصاد منهار لا بأس، لكن لا حكومة من دون مصاصي دماء الوطن. لا صحة لكن لابأس صحة المناصب القائمة على جثة الشعب أهم. لا ضمير لكن لابأس فدا الزعيم. وبعد مخاض طويل وُلدت الصفقة القذرة المُنتظرة من السياسيين المرفوضة من الشعب، تمت الصفقات وأُجريت التسويات وعاد سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وكانت أولى “عجائبه” بدء تراجع الدولار. هللويا!

 

الله أعلم ما سينتج عن هذه الحكومة وكيف سيصبح وجه “لبنان المُشرق” (رحم الله تلك الأيام)؟ لبنان الذي كان منارة الشرق سننتظر لنرى كيف سيتوسع، هل إلى الشرق؟ أو إلى أي جهة ستقودنا التحالفات والتسويات الجديدة؟ استر يا رب.

 

لن ندخل في متاهة التحليلات فنحن لسنا أهلاً لها، وعلى قاعدة “يا خبر اليوم بفلوس بكرا يبقى ببلاش.” وعلى ما يبدو “البُكرا” قريب وها هي ملامح  وجه لبنان الجديد بدأت تتضح وداعاً للبنان الوجهة السياحية وبلد الإصطياف وجاذب الإستثمارات والشركات الأممية العابرة للقارات. وها هو أول الغيث إذ قررت شركة الشايع Darine international إغلاق 9 من متاجرها في لبنان في 29 من الشهر الحالي (American Eagle- Footlocker- Mothercare- Victoria’s Secret- The Body Shop- Bath & Body Works- NYX- Pink Berry- Claires).

 

هذه المتاجر وغيرها، دخلت على خط النار في أزمة الليرة التي شهدت انهياراً غير مسبوق مقابل الدولار في السوق السوداء. مما أجبر المؤسسات التي تعتمد على الاستيراد  من الخارج على تغيير أسعارها باستمرار إلى جانب الإقفال القسري وبالتالي الخسائر المادية بسبب جائحة كورونا.

 

إذاً ستغيب الماركات العالمية عن الأسواق اللبنانية، ولنستعد للبديل أهلاً بالبضائع التركية والإيرانية.

 

والمشكلة ليست فقط بإقفال هذه المؤسسات أبوابها وإنما بما سينتج عنها من ازمة بطالة. وكأن الشباب اللبناني ينقصه نكبات. آلاف الأشخاص سيفقدون عملهم في ظل اوضاع اقتصادية صعبة تمر بها البلاد. لا بديل ولا مُعيل وطبعاً لا خطة حكومية انقاذية ومن يأمل بغير ذلك سأكتفي بالقول “من جرّب مجرب كان عقله مخرب.” 

 

وبعد كل ذلك يكون اللبناني قد اختبر أقسى أنواع الموت “حريق وغريق ومشرَّد على الطريق” والآتي أعظم.

 

 

 

 

أقرأ أيضا