صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

إياكم والمنتخب!

التفاعل بين المنتخب الكروي العراقي والشارع الرياضي العراقي والعربي تفاعل عاطفي يفوق مختلف التفاعلات الكيميائية خصوصا وان المنتخب العراقي عندما يخوض مبارياته وقت الازمات يلعب بروح قتالية اكثر مما هو عليه بالاوقات الطبيعية وهذا ما حصل في 2007 حينما كانت الطائفية والارهاب تعصف بالبلد وتمكن اسود الرافدين من الظفر بكاس اسيا والانتصارات التي تحققت بمباريات ذهاب التصفيات في 2019 بالتزامن مع تظاهرات تشرين ، ولا ادعي عندما اذكر الجمهور العربي بانه ميال الى المنتخب العراقي ففعلا المنتخب العراقي واحد من اكثر المنتخبات جماهيرية بين المنتخبات العربية على مستوى الوطن العربي وهذا ما نلمسه من تفاعل الاعلام العربي ومواقع التواصل الاجتماعي مع اللاعبين والفريق العراقي في اغلب الاوقات.

من وجهت نظري ان الخيبات المتواصلة التي يعيشها العراق كدولة وحكومات متعاقبة تجعل من الجمهور العراقي تواق للحصول على انجاز وسط هذه الخيبات الغارق فيها لذلك في مباريات المنتخب يجلس 40 مليون عراقي امام شاشات التلفزيون بما فيهم من الذين (لم يحرك سنتر بحياته) اي انه لا يفقه بالكرة شي ولا يتابعها على امل ان يقدم له احد عشر لاعبا انتصارا يحرك مشاعره الوطنية المحبطة من الفشل في كل المجالات نتيجة المحاصصة والولاء للخارج التي تتسيد المشهد السياسي المخيم على البلاد باخباره وتقلباته ، اما عربيا فمازال الجمهور العربي يحمل في مخيلته صورة ذلك العراق الثقيل بكل شيء بثرواته ومواقفه من فضايا الامة كما يعبرون ومواقفه التاريخية تجاه البلدان العربية منذا تاسيسه كدولة، واليوم تحول الى ساحة للصراع الدولي تتقاسم ولاء حكامه دول الجوار وقد دب به الضعف وانهارت مؤسساته ومرتكزات نسيجه الاجتماعي ومشاهدة منتخبه يفوز في المباريات يذكر العرب بما يقرأونه عن بلاد الرافدين في كتب التاريخ القديم والحديث.

لا اريد ان ابالغ عندما اقول ان المنتخب العراقي يشكل القاسم المشترك الابرز ان لم يكن الوحيد الذي يتفق عليه العراقيون بما فيهم المكون الكردي الذي يعيش الى حد ما باستقلالية عن المجتمع العراقي هذا القاسم المشترك بين العراقيين مر بانتكاسة في الايام الاخيرة شكلت احباطا لدى الملايين من العراقيين والعرب بدءا بمعسكره التدريبي الذي اقيم في البصرة وسحب نادي الشرطة لاعبية التسعة او العشرة من المعسكر لاسباب سخيفة واغلبهم يشكلون العناصر الاساسية للفريق تلاها خوض مباريات باهتة مع فرق ضعيفة مثل النيبال وهونغ كونغ وختم مشواره بخسارة امام ايران وانتهى الامر باستقالة مدربه السلوفيني كاتنيش الذي قضى معه ثلاث سنوات تقريبا وغادر كاتنيش على وقع ازمة مع اتحاد الكرة العراقي دفعته الى رفع دعوى في المحاكم الرياضية لعدم استلامه مستحقاته لستة اشهر والبالغة 600 الف دولار قد تنتهي تلك القضية بابعاد المنتخب العراقي عن المنافسات الدولية مالم تتحرك اللجنة التطبيعية التي تدير شؤون اتحاد الكرة وتعطي للرجل حقوقه وتغلق القضية.

وسط هذا الحبكة كان الكابتن عدنان درجال وزير الرياضة والشباب يراقب عن كثب لكنه وبحسب ما تنقل الاوساط الرياضية غير مقتنع باداء كاتنيش كونه لم يطور المنتخب فنيا وطيلة ثلاث سنوات لعب بالوجوه نفسها ولم يضخ للفريق اي دماء جديدة الا نادرا ودخل بعداء مع اللاعبين المغتربين الذين يطالب بهم الجمهور كما تحدثت الصحافة كثيرا عن مدير اعمال كاتنيش الايراني الاصل والذي كان يبتز اللاعبين العراقيين مقابل دعونهم للمنتخب وهذا ما تحدث به اللاعب احمد ياسين في مقابلة تلفزيونية فموقف الكابتن درجال من كاتنيش حظى بدعم اغلب الاوساط الرياضية والاعلامية خصوصا وان درجال وعد بجلب مدرب على مستوى عالمي لقيادة المنتخب في التصفيات الحاسمة المؤهلة الى مونديال قطر 2022 لكن اين المشكلة؟

المشكلة ان الفارق الزمني ببن مبارة المنتخب مع ايران والتصفيات الحاسمة 60 يوما فقط انقضى منها الكثير والتطبيعية وعدنان درجال تركوا الفريق سائب بلا مدرب اجنبي او محلي او يقوم بالتجمع تحت اشراف مساعد كاتنيش المدرب رحيم حميد حتى ساعة كتابة هذا المقال ، تخيلوا ان الاعلام الرياضي المحلي والعربي يترقب المدرب الجديد للعراق منذ ان انتهت مبارة العراق وايران خصوصا وان قرعة التصفيات اوقعت العراق بالمجموعة الاسهل والاكثر توازنا وفيها ايران وكوريا الجنوبية وهما الفريقان الذان تحذرهما الامارات وسوريا ولبنان المتواجدين في المجموعة ذاتها فيما يكاد يجمع المحللون الخليجيون واغلب المحللين العرب بان ابران وكوريا ج لا يشكلان عقدة امام المنتخب العراقي تاريخيا وان العراق لا يهابهما لكن مشكلة المنتخب العراقي لحد الان بلا استعدادات والتصفيات لم يتبقى عليها سوى شهر وعدة ايام حيث تلعب فرق المجموعة بطريقة الذهاب والاياب وسيحرم العراق من اللعب على ارضه لاسباب فنية تتعلق بخلو ملاعب العراق من منظومة (VAR) وهذا ما سيصعب المهمة على اسود الرافدين بسبب افتقادهم لجمهورهم في حين يعول العرب على ابطال اسيا 2007 في انهم ان لم يتاهلوا الى المونديال فسيعطلون ايران او كوريا ج من التاهل لصالح احد الفرق العربية بالمجموعة لكن الاداء الاداري في اتحاد الكرة وتطبيعيته يمكن وصفه بالسيء ليضاف الى سجل الخيبات التي يمر بها البلد في المجالات الاخرى التي على صلة بحياة المواطن من خدمات واقتصاد وامن و الانتكاسة في احتواء جائحة كورونا، نعم يبدو ان القائمين على ملف الكرة العراقية في نيتهم ان يدرجون ملفهم في جدول الخيبات المتراكم وسلب العراقيين اخر قواسمهم المشتركة وواجهتهم للعالم العربي وهذا احتمال وارد جدا لان القائمين على ملف الكرة اغلبهم ذوي خلفيات سياسية وليسوا رياضيين يعرفون قيمة الوفت في مثل هذه المناسبات باستثناء وزير الرياضة والذي عمليا لا يملك سلطة على اتحاد الكرة ذلك الاتحاد الذي يتعامل مع قضية تاهل المنتخب ببرود في حين ياخذها الجمهور على محمل الجد والاهتمام هذا الاهتمام الذي يجب ان تتحلى به التطبيعية ورجالاتها والعمل بطاقة اكبر لتهيئة الاجواء الصحيحة لاستعدادات اسود الرافدين كما تفعل ذلك الان الفرق المنافسة وعلى اعلى المستوبات فاما ان تكون التطبيعية على قدر المسؤولية او تفرط باخر ما يجمع العراقيين والا فاياكم والمنتخب.

أقرأ أيضا