صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

“الإيزيديات الحوامل” خطرٌ إيجابي

عندما تدرس تاريخ القوانين ستصل الى نتيجة مفادها ان لا قانون دائم أو خالد، حتى القانون الإلهي، فهو قابل للتأويل, وذلك لانتفاء الحاجة لبعض القوانين احيانا او تغير الهدف او عدم صلاحيتها لفترة معينة دون أخرى، أو ظهور حدث ينبئ بأهمية استبدالها بما يتناسب مع حاجة الناس.

هذا هو حال قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 والذي يتطلب اعادة النظر فيه وفي عدة مواد، بدءاً من قوانين النشر وسرقة الملكية الفكرية وانتهاء بجريمة الاجهاض في المادة الـ417 و الـ418 منه والتي تعتبر الاجهاض جريمة، سواء كان برضا الام الحامل او بعدم رضاها وتحت أي مبرر كان.

على الرغم من اتخاذ عناصر داعش احتياطاتهم بشأن عدم حصول حمل لدى الاسيرات الإيزيديات من خلال اجبارهن على تناول حبوب منع الحمل وبشكل يومي من اجل ان يبقين سلعا يمكن الاتجار بها جنسيا، إلا أن حالات الحمل قد حصلت، ورجع العديد منهن الى مناطق تواجد ابناء المكون الاصيل، وهن حوامل بالاضافة الى النساء المسلمات اللواتي تزوجن برغبتهن او بدونها من عناصر داعش، ورجعن حوامل الى معسكرات الاعتقال الحالية التي تؤوي عوائل الدواعش، حيث بلغ عدد الاجنة سبعة الاف جنين لم يولد بعد.

لم يذكر القانون العراقي أي استثناء بشأن المرأة المغتصبة، بل ذكر وكعادته بتكريس القبلية في المجتمع العراقي بالحق في قتل الجنين اتقاء للعار من قبل الام التي ولدته من سفاح او من ذويها من الدرجة الرابعة، ونسي او تناسى حالة الحمل من مغتصب تماما كما نسي حالات اخرى تجبر أية أم على إجهاض جنينها، حتى لو لم تلج فيه الروح كما هو مقرر في الشريعة الاسلامية.

لا يستطيع المجتمع العراقي الملتزم بالدين “كما يدّعي المشرع” أن يتقبل فكرة قتل جنين تحت أيّ سبب كان, وبنفس الوقت لا يستطيع ان يتقبل او يتعايش، ولا يأمل بتقبل تلك الفكرة مستقبلا مع مجهولي النسب الذين بلغ عددهم أكثر من 3000 طفل في الموصل وحدها وهم أنجال داعش, أن وجود مثل تلك الحالتين وغيرها من حالات الإجهاض غير الآمن وغير القانوني التي راح ضحيتها العديد من الأمهات, واتقاء إنجاب المزيد من الاطفال مجهولي النسب الذين عاشوا حياة قلقة وغير صحيحة بسبب المجتمع القبلي الديني معا, يجب إعادة النظر في تلك المواد وتذييلها بالمزيد من الاستثناءات التي تسمح بالإجهاض الآمن بدلاً من تفاقم وتراكم ما سيحصل مستقبلا ومن اجل التقليل من الكثافة السكانية التي تتزايد يوما عن يوم, فعلى الرغم من خوض العراق للعديد من الحروب إلا أن عدد السكان زاد ولم ينقص وهي كتلة بشرية بلا قدرة على استثمارها بسبب تردي الوضع الاقتصادي وغياب الإستراتيجية او الرؤية الاقتصادية للمستقبل.

إن كلاً مما سبق يبين لنا أن ما حصل لليزيديات او نساء داعش هو مؤشر خطر، لكنه ايجابي وليس سلبي، كون المشرع العراقي وبمزيد من الجرأة والعدالة قادر على تعديل تلك المادتين من قانون العقوبات، بل ويجب عليه ذلك، بما يتناسب مع الاحداث التي جدت على الساحة العراقية.

أقرأ أيضا