بعد أكثر من 10 قرون على انبثاق “الإمارة” داخل المكون الايزيدي بفعل الحاجة لمواجهة الكراهية التي كان يواجهها على يد جيرانه، يبحث شعب جبل سنجار ولالش ولاط شيخ وزيتون بعشيقة وبحزاني عن أمير يسد فراغ أميرهم الراحل تحسين بك، الذي قضى أطول فترة إمارة بين أسلافه حتى الآن، وسط دعوات بأن يكون الامير المقبل مستقلا وغير خاضع للأحزاب.
بعيدا عن الحكم على قرارات ومواقف الأمير الراحل، إلا أنه كان يحجم عن اتخاذ القرارات المهمة لصالح المكون بسبب شعبه الغافل عن مصلحته بفعل البحث عن مصالح سياسية بعيدة عن الانتماء الديني والمجتمعي، فهو لطالما دعا الى وحدة الصف الإيزيدي، وحاول أن يصدر قرارات لمصلحة شعبه المنكوب، ولكنه كان يشترط حصول اتفاق إيزيدي قبل إصدار أي قرار، لأنه كان يخشى ردة فعل الايزيديين، لعلمه أنهم لن يساندوه، فكان يقول لهم اتفقوا بينكم وأنا معكم، لأنه لم يرد أن ينزعج أي طرف إيزيدي.
فقدنا أميرا كان يعرف شعبه المشتت جيدا، وكان خبيرا بدهاليزه، وكان يدرك أن شعبه صعب الرضا ولن يتفق على قرار رغم محاولاته العديدة لجمعهم، إذ أن اللافت هو اتهامه من قبل البعض بالتخريف والخيانة والفشل، لأنه حاول فقط منح الإيزيديين استقلالا في الانتماء والهوية، لذا فمن الصعب أن يكون الأمير القادم شبيها به.
رحل الأمير، ولم يترك اسم من يخلفه، واختار أن يكون الشعب هو صاحب القرار في اختيار أمير جديد، في محاولة منه لتوحيد الايزيديين لو لمرة واحدة في التاريخ المعاصر، فمن سيكون الأمير القادم؟
من بين الأسماء المرشحة لشغل المنصب الروحي يظهر هناك اسم مدعوم من قبل طرف سياسي، وهو نجل الأمير الأكبر ووكيله في حياته “حازم بك” الذي يعد أضعف شخصية في بيت الإمارة، ومن السهل أن يسيره أي طرف قوي بوجود مجموعة من الأتباع المنتفعين، بالاضافة الى النجل الاخر للأمير الراحل “عصمت بك”، فضلا عن وجود أسماء أخرى مثل أحفاد الأمير الراحل “برين” و”سرمد” و”غدير” وكذلك ابن شقيقه “فرج”، ولكن من سيختار الأمير القادم؟ هل الشعب الغافل أم الطرف السياسي غير الإيزيدي؟
ربما سيطول الخلاف حول تسمية أمير جديد، لكن سيظل الخيار الأفضل من وجهة نظري، هو الذهاب إلى مجلس إمارة، يمثل العوائل المختلفة داخل بيت الإمارة، يتخذ القرارات بالأغلبية، وهذا ما سيمنحه استقلاله المطلوب لأنه لن يكون من السهل على الأحزاب السياسية ابتلاع المجلس المكون من أفراد، مثلما قد يحدث مع أمير واحد، ما سيفتح الطريق أيضا أمام القيام بإصلاحات دينية تكفل الحفاظ على المجتمع الايزيدي الذي يواجه خطر الانقراض بفعل العوامل والظروف الصعبة التي يعيشها، من أخطرها الإبادات التاريخية التي تعرض لها خلال أحقاب زمنية مختلفة.