صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الاستيزار.. من التبويب إلى التحزيب

من باب الإنصاف القول إن اليأس الذي أصاب المواطن من الطبقة السياسية في البلاد أفسح المجال لبوابة أمل في النفق المظلم الذي نعيشه، وأنا من أولئك الذين حاول مشاهدة هذا الأمل على يد القادم التوافقي بين الصدر والعامري ليؤسس لحكومة عليها مهام وتحديات ضخمة لاتحسد عليها.

لكن السيد عبد المهدي فتح بوابة من جانب آخر، هي البوابة الألكترونية ليفحص من خلالها وزراءه الجدد، وقلنا، عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، ونظّر السيد عبد الهادي لتقليعته الجديدة بإعتبارها فتحاً لايشق له غبار في عالم الكوميديا السياسية في البلاد، وقال :

هنا تكمن العبرات..

هنا الحلول السحرية..

هنا الطريق لعراق جديد..

وقلنا لنمضي معاً عسى أن يكون المجهول خير من المعلوم، ضاربين عرض الحائط المثل البغدادي الشعبي الحكيم ” شين التعرفه أحسن من زين الماتعرفه”! فماذا كانت النتيجة؟

لقد غرق السيد عبد المهدي بنحو 36 ألف طلب توزير ليرسي قاربه على نحو ستمائة إستمارة، قلنا فيها الخلاص من السرطان الذي نعاني منه، لكن المقدر والمكتوب على طبقة سياسية تزدري مستقبل البلاد والعباد، إنها دخلت للسيد عادل من البوابة التي كان من المفترض أن تكون خارجها..وكما يقال الخارج من الباب يدخل من الشباك.

وكرّت المسبحة لنكتشف إن قائمة التوزير التي قدّمت الى البرلمان هي قائمة الأحزاب بعباءات أخرى، والدليل الإستقتال الذي حصل في عملية التصويت، والهروب إلى الأمام بالتصويت “الذي لابد منه ” حرجاً من التوقيتات الدستورية، فأفقنا على تشكيلة وزارية، نصفها معترض عليه بشبهات فساد وإرهاب وجرائم عفا قانون العفو السيء الصيت على دلالاتها، ونصفها الآخير قيد الصراع بين الأحزاب التي صدّعت رؤوسنا بفسح المجال أمام عبد المهدي للإختيار ” الحر” الذي سيكون مسؤولاً عنه.

والفضيحة أتت على لسان السيد عادل حين قال في مؤتمر صحفي بعد إجتماع له مع وزارته المنقوصة أو الناقصة، بأن المساحة التي تحرك فيها كانت أضيق من أي مساحة منحت لأي رئيس وزراء سابق.

ما يعني ودون لف ودوران وتلاعب بالألفاظ، إن “الجماعة ” وضعوه تحت تأثيرهم وسطوتهم وخياراتهم وتحاصصهم وتقاسمهم للسلطة على أسس الإستحقاقات والمكونات والشراء الباذخ للمناصب..! ولكن لماذا سكت عبد المهدي على حصاره هذا وهو الذي حذر الجميع من إن إستقالته في جيبه إذا تم الضغط عليه في الإختيار “الحر”؟

لم يفعل ذلك عبد المهدي ولن يفعله وراح كحال غيره يدور في فلك الدولة العميقة وحرّاسها الأكثر سطوة من خيارات عبد المهدي التي إكتشفنا بأنها ليست خياراته..!

لن نتحث كثيراً عن الخيارات التي سخر منها الجمهور الذي ضاع أمله بالتغيير ليجد نفسه يردد المثل الشعبي ” تريد أرنب أخذ أرنب تريد غزال أخذ أرنب “.!

وهاهو عبد المهدي يقول لنا: ها هي الأرانب أمامكم فإختاروا ماشئتم! أما الاستقالة فهي من حكايات جدتي رحمها الله ورحم موتاكم في كابينة الاجترار السياسي.

 

أقرأ أيضا