حدد مجلس النواب العراقي في جلسته المنعقدة بتاريخ ١٥ يناير الحالي، يوم الخميس المقبل موعدا للتصويت على قانون الانتخابات التشريعية وتحديد موعد إجرائها.
يأتي ذلك في وقت يحتدم الجدل بشأن إمكانية إجرائها في موعدها المقرر دستوريا، إذ نجد بعض الكتل السياسية طالبت صراحة بتاجيلها مبررة ذلك بعدم توفر المناخ المناسب الذي يمكن من خلاله ضمان انسيابية سير العملية الانتخابية بالنظر للوضع غير المستقر في المناطق المحررة ونزوح عشرات الآلاف من الأسر عنها، وفي المقابل نجد أطرافاً أخرى تطالب باحترام التوقيتات الدستورية التي تنص على وجوب إجراء الانتخابات التشريعية قبل ٤٥ يوما من عمر مجلس النواب الحالي، وبين الموقفين نجد من لم يبدِ راياً واضحا إلى اليوم، وأعتقد أن هؤلاء هم اقرب الى تأييد التأجيل لانهم لو كانوا مع احترام التوقيتات الدستورية لاعلنوا ذلك صراحة في وسائل الاعلام.
وبصدد ذلك بودي أن اطرح عددا من التساؤلات علّني أجد جوابا من أولئك المطالبين بالتأجيل أو المؤيدين لهم:
– هل يحق لمجلس النواب العراقي الذي انتخبه الشعب ليكون ممثلا له لمدة اربع سنوات أن يمدد لنفسه والبقاء في موقعه دون موافقة الشعب؟
– هل يحق لأحد مهما علا شانه أن يخالف النصوص الدستورية التي صوت عليها الشعب وأصبحت عقدا اجتماعيا لكل مكوناته؟
– كيف يمكن أن نضمن عدم مخالفة تلك النصوص الدستورية مستقبلا في حال وافق مجلس النواب الحالي على التمديد لنفسه ولو لشهر واحد؟ إذ قد يكون ذلك الإجراء مسوغا لتأجيل الانتخابات لفترات اطول مستقبلا.
هذه التساؤلات وغيرها يمكن أن تكون منطلقا لتوجيه الرأي العام بالاتجاه الذي يضمن احترام إرادة الشعب ولو نسبيا في اختيار ممثليه، فعلى الرغم من السلبيات الكثيرة التي تشوب العملية السياسية الحالية إلا أنها يمكن أن تُصحَح من خلال رفع الوعي الجماهيري الذي يعد الضامن الوحيد لتصحيح الانحراف السياسي، وذلك من خلال الضغط باتجاه احترام الدستور وجعله منطلقا لأية عملية اصلاح مستقبلية.
أرى أن السكوت عن مخالفة النصوص الدستورية خيانة عظمى للوطن لا سيما من قبل أعضاء مجلس النواب الذين يفترض بهم أن يكونوا ممثلين للشعب العراقي الذي يتطلّع لإقامة دولة يسودها العدل ويحكمها القانون؛ لذا فان الحديث عن تأجيل الانتخابات لا يمكن أن يطرح من قبل الكتل الوطنية المؤمنة بالعملية السياسية، بل هو انعكاس لحجم التدخلات الخارجية في العملية السياسية.
واعتقد ان بعض الأطراف الخارجية ستنتظر نتائج حركة الكتل السياسية الحالية في تشكيل التحالفات استعداد للانتخابات القادمة وفي ضوء ذلك ستكشف الحقائق أكثر عن حجم تلك التدخلات.
واخيرا اقول: على الرغم من الفشل السياسي الذي شهده العراق طوال الفترة السابقة إلا أن مخالفة الدستور بهذه الطريقة التي لا تقبل التأويل يمكن أن تفتح على البلد بابا من الفشل السياسي لا يمكن إغلاقه مستقبلا، وستكون المسمار الأخير في نعش العملية السياسية الحالية التي كنا نأمل تصحيحها سلميا من خلال وصول ممثلي الشعب الحقيقيين إلى مواقع المسؤولية وتطبيب جراح الملايين من أبناء هذا البلد المظلوم.