في واحدة من أكثر القضايا صدمة في تاريخ السجون العراقية، تتصاعد الانتهاكات داخل سجن الناصرية للأحكام الخفيفة، حيث تحول هذا المكان من مؤسسة إصلاحية إلى مسرح لجرائم التحرش الجنسي والابتزاز لعوائل النزلاء أمام صمت رقابي وأمني. المتهم الرئيس في هذه الانتهاكات هو مدير السجن الحالي هاني محسن نعيم، الذي سبق وأن أُقيل من منصبه قبل سنوات على خلفية قضية تحرش جنسي بإحدى النزيلات (مرفق قرار اللجنة) ورغم القرار السابق بالإقالة، إلا أن تأثيرات سياسية من جهات نافذة (منظمة ب) ساعدت في إعادته إلى منصبه، ليعيد تكرار ذات السلوكيات المشينة، على الرغم من اعتراضات معتبرة من قبل الامن الوطني في المحافظة.
انتهاكات خطيرة توثّق بالفيديو
تتحدث الأدلة عن:
• تحرش جنسي ممنهج بالنزيلات.
• ابتزاز عوائل النزلاء من النساء مقابل تقديم خدمات خاصة للنزلاء.
• تنظيم زيارات خاصة دون موافقات أصولية مقابل خدمات جنسية وابتزاز مالي.
الأدلة والشكاوى تواجه التجاهل
في تطور صادم، اجتمعت مجموعة من الموظفين الشرفاء لتقديم شكوى رسمية إلى وزارة العدل (المقر) وخلصت إلى مقابلة المدير العام للدائرة الإدارية والمالية في وزارة العدل، السيد صميم مقداد عبود، والذي سُلم أدلة واضحة توثق الانتهاكات بالصوت والصورة واستمع إلى شهادات معتبرة. ورغم ذلك، تم تجاهل الشكوى، والأكثر من ذلك أظهرت الوزارة مدير السجن المتهم في منشور رسمي لوزارة العدل بجانب وزير العدل السيد خالد شواني، يتضمن الإشادة والدعم بعد أن تم توسط عضو برلماني طلب إلغاء عقوبة التوبيخ القديمة وفي محاولة للتعمية على الانتهاكات الحديثة، في مشهد يثير التساؤلات حول حماية المتورطين واستمرارهم في مناصبهم دون أي مساءلة.
تواطؤ سياسي وإخفاء المعلومات عن الوزير
التقارير تشير إلى تدخل وكيل وزير العدل، زياد التميمي، الذي اصدر قرار تسمية السيد هاني محسن نعيم مديراً للسجن بطلب من وزير النقل الذي يعمل شقيق الموما اليه بمعيته .
ولضمان استمرار حماية مدير السجن، وربما إخفاء الأدلة عن وزير العدل نظم لقاء المتهم مع الوزير إلا أن الوزير امر بتحقيقات إضافية عن الموما اليه فكانت المفاجأة فضح الانتهاكات الجنسية الأخيرة .
هذا السيناريو يعكس تواطؤ مؤسسي مثلته عناصر قيادية في الوزارة ومسؤولين عن إدارة دائرة الإصلاح العراقية يضع النزيلات وعوائل النزلاء في خطر مستمر ويضرب بمصداقية وزارة العدل.
رسالة إلى الرأي العام والمسؤولين
استمرار هذه الانتهاكات وتواطؤ بعض أصحاب القرار في وزارة العدل، يعني أن الانتهاك أصبح منهجياً وان اتخذ الوزير إجراءاته في النهاية وهو موقف إيجابي يستحق الإشادة ، كون الانتهاك يحظى بدعم مباشر من القيادات المسؤولة في الوزارة.
إن السكوت على هذه الجرائم لا يُعتبر تواطؤاً فحسب، بل خيانة لمسؤولية الوزارة تجاه حقوق الإنسان وسيادة القانون، ويعرض العراق لإدانات ومسائلة دولية واممية خاصة ونحن على اعتاب مناقشة تقرير العراق للاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان بعد ايام قليلة، ناهيك عن مسؤولية العراق المتحققة وفقاً للعهد الدولي للحقوق ولاتفاقية مناهضة التعذيب.
نؤشر غياب منظومة الرقابة ممثلة بمفوضية حقوق الإنسان والتي تتعرض هي الأخرى لعملية تغييب وقمع تنفيذي يهدف إلى عرقلة اي نشاط رقابي مستقل يواجه الانتهاكات في بيئة السجون ومرافق التوقيف الاحتياطي.
المطالبة بإجراءات فورية
• التحقيق الفوري في هذه الانتهاكات.
• إقالة المتورطين وإبعاد عن سلطة القرار فوراً ومحاكمتهم وفق القانون.
• فتح تحقيق شامل لمعرفة أسباب استمرار هذه الجرائم رغم الأدلة والشكاوى.
نناشد كل الجهات الرقابية والحقوقية، المحلية والدولية، بفتح ملف التحرش الجنسي في السجون العراقية بعد حادثة مقتل النزيل المتحول الجنسي جوجو والاتهامات الأخيرة الموجهة لمدير سجن الناصرية للأحكام الخفيفة ، والوقوف بحزم ضد كل من يشارك في حماية المتورطين أو التستر عليهم. إن الصمت ليس خياراً بعد الآن.
سعد سلطان حسين.. خبير دولي وناشط حقوقي