مفهوم التنمر:
يُعرّف التنمر بأنّه أحد أشكال الإساءة والإيذاء المتعمّد لفردٍ ما أو لمجموعةٍ من الأشخاص من قِبل أشخاص سيئين يملكون السلطة أو يُمارسون قوتهم على من يشعرون بأنّهم غير قادرين على مواجهتهم، ويكون التنمر على شكل إساءة لفظية، أو جسدية، أو نفسية، أو عاطفية، [Retrieved 2021]
ويتمثّل التنمر عموماً في شكلين كالآتي:[ Sherri Gordon 2019-10-20]
1- التنمر المباشر: أيّ وجهاً لوجه ويشمل أفعالاً جسدية؛ كالضرب والركل، أو أفعال لفظية تتمثّل بإلقاء الشتائم والإهانات.
2- التنمر غير المباشر: يحدث بطريقة بحيث لا ينتبه إليه الآخرون لكنه يُسبّب الأذى، ويتمثّل في نشر الإشاعات، أو الأكاذيب، وغير ذلك.
أسباب التنمر
يظهر سلوك التنمر عند الشخص نتيجة الإهمال في تربية الطفل منذ الصغر، ونموّه ضمن بيئة خالية من حوافز النمو الصحي، حيث تجعل منه شخصاً يفتقر لمهارات التواصل الاجتماعي مع الغير، وتبني لديه نوعاً من الشعور بجنون العظمة، والبحث عن السلطة، وإثبات الذات عن طريق الإجبار، وعدم الاهتمام بمشاعر الغير أو فهمها، وغالباً ما يرى الشخص المتنمر نفسه بطريقةٍ إيجابية.[ Retrieved 2021-2-12]
أنواع التنمر
هناك عدّة أنواع للتنمّر أهمّها ما يأتي: [Nahla Mansour Al-Ali,Khulood K. Shattnawi 2018-3-21]
– التنمر الجسدي: يُعدّ أكثر أنواع التنمر وضوحاً حيث يُبنى على ممارسة الشخص المتنمّر أفعالاً جسديةً مؤذيةً لإشباع حاجاته الذاتية من القوة والتحكّم، وعادةً ما يُمارس الشخص هذا النوع من التنمر على أشخاصٍ أضعف أو أصغر منه، ويتمثّل ذلك في الضرب الشديد، والركل، والصفع، واللكم، والدفع بقوة، وترك الآثار على الجسد، وغيرها من الأفعال المؤذية. – التنمر اللفظي: يُمارس التنمر اللفظي من خلال التلفّظ بالشتائم والكلمات المُهينة للطرف الآخر، وذلك بهدف التقليل من شأنه، وتحقيره، وإيذائه، وعادةً ما يُمارس التنمّر على الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وأثبتت الدراسات والأبحاث الحديثة أنّ التنمّر اللفظي له عواقب وخيمة، لما ما يتركه لدى الطفل من ندوبٍ عاطفية عميقة لها أثر على المدى البعيد.
– التنمر العدواني العاطفي: يُعتبر من أنواع التنمر الماكر المبني على الخبث، ويتمثّل بنشر الأكاذيب والإشاعات الباطلة للسيطرة على الشخص والتقليل من قيمته الاجتماعية، ويكون ذلك بهدف حصول المتنمر على مكانة اجتماعية أفضل من مكانة الشخص الذي تنمر عليه.
– التنمر الإلكتروني: أدّت التطورات التكنولوجيا المعاصرة إلى انتقال التنمر أيضاً للوسط الإلكتروني، وذلك من خلال المضايقات الإلكترونية التي تعتمد على تلقّي التهديدات من أشخاص مجهولي الهوية لتنفيذ مطلب ما، أو تلقي رسائل تحتوي على شتائم مؤذية نفسياً، ويُعتبر التنمر الإلكتروني من الأنواع الصعب مواجتها وتفاديها لعدم معرفة هوية الشخص المتنمر. [ Retrieved 2021-2-12]
الحقوق التي ينتهكها الشخص المتنمر
يتجاوز المتنمر وينتهك عدّة حقوق للشخص الآخر نتيجة ممارسته لسلوكياته المؤذية بشتّى أنواعها، وأهم الحقوق المنتهكة ما يأتي:
[Nahla Mansour Al-Ali,Khulood K. Shattnawi (2018-3-21] 1- الحق في العيش في بيئة آمنة تخلو من جميع أنواع العنف.
2-الحق في الحصول على مكان عمل هادئ خالٍ من الإزعاجات.
3- الحق في ممارسة الجانب الترفيهي واللعب في بيئة آمنة.
4- الحق في التعليم. الحق في الخصوصية.
5- الحق في مشاركة الرأي.
التنمر المدرسي
تعتبر المدارس أكثر البيئات تعرُّضًا للتنمر لما فيها من احتكاك بين الطلاب وزملائهم بشكل شبه يومي، وهنا نذكر تعريف النرويجي دان ألويس الأب النرويجي المؤسس للأبحاث حول التنمر في المدارس، حيث قام بتعريف التنمر المدرسي بأنه أفعال وسلوكيات سلبية غير لائقة كالضرب، الشتم أو التوبيخ، متعمدة من جانب ضد آخر أو مجموعة ضد أخرى، وذكر كذلك بأن التنمر لا يكون إلا في حالة انعدام التوازن في العلاقة، أي أنه إذا كان الطرفان متماثلين في العلاقة تماثلاً جسديًّا أو اجتماعيًّا، فإن هذا لا يعتبر تنمرًا على الإطلاق.[ فريق تحرير ركين, 2022]
ظاهرة التنمر في المدارس
تُعد ظاهرة التنمر في المدارس من أكبر المشكلات المجتمعية على مستوى العالم أجمع، وهي الأساس في بناء السلوكيات العدوانية لدى الطالب، حيث يُؤثّر ذلك على كلٍّ من الجانب الجسدي، والعاطفي، والنفسي، والاجتماعي، والأكاديمي لدى الطالب، لذلك يُعدّ منع التنمر في المدرسة ضرورياً نظراً لأهمية بيئة المدرسة واعتبارها من البيئات الحرجة التي تُؤثّر بشكل كبير على الطلاب منذ صغرهم، ويُمكن اتّخاذ أساليب عدة من أجل ذلك من قِبل المدرسيين والإدارين وكذلك الأهل.
“التنمر” ظاهرة منتشرة بمدارسنا وتحتاج لدراسات معمقة
توجه المختصون في السنوات الأخيرة، عبر العديد من دول العالم، إلى إعطاء اهتمام متزايد لـ”ظاهرة التنمر”، التي تعد أحد أشكال العنف التي يمارسه الطالب أو مجموعة من الطلبة ضد طالب آخر، والتي تفشت بشكل ملحوظ في مؤسساتنا التربوية، وقد اختار في هذا الشأن بعض علماء النفس المدرسي، إجراء دراسة ميدانية على مجموعة من الطلبة غي مرحلة المراهقة ، لعدة اعتبارات، أهمها شح الدراسات ، وكونها المرحلة التي يعيش فيها الطالب حالة مراهقة وجملة من المتغيرات الفيزيولوجية والنفسية.
وتوصلت الدراسة الى النتائج ، والحلول المقترحة لمحاربة الظاهرة التي قد تؤثر سلبيا على نفسية الطالب ، وتجعله يرفض الذهاب إلى مدرسته، نتيجة محاولة الاستقواء عليه او على الغير، والتي تعد شكلا من أشكال العنف، وللأسف الشديد على الرغم من أن الظاهرة منتشرة في مدارسنا، إلا أن الدراسات قليلة في هذا الباب.
ففي بعض الدراسات التي شملت 165 طالبا، تم توزيع استبيانات وبعض المقاييس التي اتضح من خلالها، بأن التنمر موجود بكثرة، ويأخذ في المدارس أشكالا متنوعة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، “السب والشتم اللفظي، والتنمر الجسدي، من خلال الركل والضرب، بما في ذلك التنمر على الممتلكات، من خلال أخذ مستلزمات الغير بالعنف، إلى جانب التنمر الجنسي الذي يتمحور في بعض اللمسات”، كما تبين أيضا إن التنمر ظاهرة تمارس من الجنسين ولا فرق بين الذكور والإناث، إنه يتواجد بشكل كبير في المرحلة العمرية أقل من 12 سنة، وكلما كبر الطفل يتراجع التنمر، حسب الدراسة.
وكان الغرض من الدراسة، ، لفت الانتباه للجهات المعنية من مختصين والعاملين في الحقل التربوي، حول وجود الظاهرة وضرورة إيلائها الاهتمام المطلوب، حتى لا يكون لديها تأثير سلبي على الطالب في تحصيله ونموه، وحتى على شخصيته، لأن في غياب الدراسات لا يمكننا أن نعرف مدى التأثير وأبعاده.
ومن خلال الدراسة تمت التوصية على:
1- ضرورة العمل على إجراء دراسات معمقة حول التنمر في المؤسسات التعليمية على مستوى جميع المحافظات ، لأننا اليوم نعرف وجود الظاهرة، لكننا لا نعرف مدى انتشارها، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى.
2- ضرورة العمل على تفعيل دور الاشراف والتوجيه من قبل إدارات المدارس ، خاصة أنه غير موجود على مستوى المدارس التي يمارس فيها التنمر بشكل واضح.
3- ضرورة تعيين مختصين نفسانيين ومستشارين في التوجيه في المؤسسات التعليمية ، وتوسيع دورهم وعدم اقتصاره بالاهتمام بالجانب الإحصائي أكثر من بالجانب النفسي، مما يتطلب تعيين المختص النفساني، ، ليتمكن من محاربة الظاهرة في مراحلها الأولى.
ما هو علاج التنمر المدرسي؟
دور المدرسة هناك دور يقع على عاتق المدرسة ويتمثل بالتالي:
1- إشراك الطلبة في الأعمال التطوعية المختلفة والأنشطة التي تتطلب التعاون المشترك بين الطلاب.
2- مراقبة تصرفات وسلوكيات الطلبة بين زملائهم وداخل الغرف الصفية.
3- ممارسة سلطة المدرسة واتباع قوانين رادعة للحد من التنمر.
4- الاستعانة بالأخصائيين النفسيين إن تطلّب الأمر لمواجهة المشكلة.
دور الأهل
يكمن دور الأهل في علاج ظاهرة التنمر فيما يلي:
مشاركة مخاوف طفلهم، وإشعاره بالأمان ليستطيع مواجهة أي ظرف أو مشكلة قد يتعرض لها خارج المنزل لا سيّما المدرسة.
1- تعزيز ثقته بنفسه، بمصادقة الطفل وبناء الثقة بينه وبين الأهل.
2- تعليمه الرياضة ولا سيما الخاصة بالدفاع عن النفس؛ لإكسابه قوة جسدية للدفاع عن نفسه حال تعرضه لأي شكل من أشكال العنف والتنمر الجسدي.
ما هي طرق الوقاية من التعرض للتنمر المدرسي؟
هناك طرق عدة يستطيع الآباء والأمهات اتباعها لحماية الطفل من تعرضه للتنمر في مدرسته، نذكر منها:[ اليونيسيف, 2022]
1- تثقيف الطفل وإشباعه وضرورة إلمامه بموضوع التنمر من كافة جوانبه.
2- التحدث المتكرر والتواصل الدائم مع الطفل وعدم إهماله.
3- مساعدة الطفل من قِبل الأهل لأن يصبح قدوة إيجابية يُحتذى بها مستقبلًا.
5- ضرورة تعزيز ثقة الطفل بنفسه وهذا ضروري جدًّا بكل الأحوال وليس فقط في موضوع التنمر.
ما هي أكثر الفئات المعرضة للتنمر في المدرسة؟
تعتبر الفئات التالية الأكثر تعرضًا للتنمر المدرسي:
1- الطلاب الانطوائيون (المنعزلون) الذين تحيط بهم هالة الوحدة هم أكثر الفئات عرضة للتنمر المدرسي.
2- الطلاب المتفوقون دراسيًّا؛ إذ يلجأ المتنمرون للطالب المتفوق دراسيًّا بهدف جذب الانتباه لهم بدلًا عنه.
3- الطلاب المختلفون ثقافيًّا واجتماعيًّا عن أقرانهم.
ما أنواع وأشكال التنمر المدرسيّ؟
فيما يلي أنواع التنمر المدرسي:
1- تنمر لفظي: كالشتم والسب.
2- تنمر جسدي: كالضرب والركل.
3- تنمر نفسي: كالتهديد والتوبيخ.
ما هي العلامات أو المؤشرات التي تدل على تعرُّض الطفل للتنمر المدرسي؟
هناك علامات ودلائل تبدو جليّة وواضحة على الطفل الذي تعرض للتنمر، فقد لا يتحلى بالشجاعة لكي يصارح والديه أو أحدهما بالمشكلة، فينبغي أن يلاحظ الأهل هذه العلامات أو بعضها على طفلهم، نذكر منها ما يلي:[ أسامة أبو الرب,2019]
1- تراجع الطالب في أدائه الدراسي وواجباته المدرسية.
2- إهمال الطالب الذي تعرض للتنمر في شكله الخارجي ومظهره، وهذا يعود لاهتزاز ثقته بنفسه.
3- ابتعاده عن أصدقائه ومحيطه العام.
4- معاناته من حدة المزاج والغضب والعصبية معظم الوقت.
ما هي أسباب انتشار ظاهرة التنمر المدرسي؟
هناك أسباب عديدة لظهور وبروز التنمر المدرسي، نذكر أهمها: [إبراهيم رشيد,2022]
1- أسباب سيكولوجية: أي أسباب اجتماعية، حيث إن الطالب المتنمر قد ينحدر من وسط اجتماعي فقير أو أنه ينتمي لبيئة اجتماعية محرومة بشكل أو بآخر.
2- أسباب أُسرية: حيث إن المتنمر قد يكون نشأ في بيئة أسرية مشتتة، ككثرة المشكلات بين الزوجين واضطراب علاقتهما، أو الانفصال أو الطلاق، فهذا ينعكس سلبًا على المتنمر ويُتعب نفسيته.
3- أسباب في البيئة المدرسية نفسها: حيث انتشرت مؤخرًا ظاهرة اعتداء بعض الطلبة على معلّميهم، مما أفقد المعلم هيبته وقوة حضوره وأدى كذلك لانتشار العنف وبعض الطلبة اكتسب الشجاعة لممارسة التنمر على الآخرين.
أساليب لمواجهة التنمر المدرسي
يمكن مواجهة التنمر المدرسي من خلال الاساليب الآتية:
– ترسيخ مفهوم العطف واللين عند الطلبة منذ الصغر، وأهمية في القدرة على بناء العاطفة لديهم.
– مراقبة سلوكيات الطلبة، ووضع حواجز وحدود لكلّ من يُمارس التنمر بشتّى أنواعه، وتهذيبه بطريقة تردعه عن تكرار سلوكه.
– منح الطلبة حرية التعبير عن الرأي دون خوف من ردة فعل أقرانهم، حيث يُساهم ذلك في بناء شخصية لدى الطالب قادرة على مواجهة أيّ تنمر مستقبلاً.
– وضع قواعد سلوكية تُحذّر الطلاب من ممارسة التنمر أو العدوانية كوسيلةٍ للوقاية من خلال وضع القواعد الإيجابية المناسبة لمختلف الأعمار.
– تحفيز الطلاب بمكافأة كلّ من يقوم بسلوك إيجابي.
المصادر
↑- فريق تحرير ركين (2022) “كيف نعالج ظاهرة التنمر”، موقع انترنت.
– اليونيسيف(2022.) “كيف تتحدث مع أطفالك عن التنمر”،
-إبراهيم رشيد،(2022) “ظاهرة التنمر المدرسي والسلوك العدواني وطرق علاجه”، اكاديمية إبراهيم رشيد.
– أسامة أبو الرب (2019) يا ضحية التنمر دافع عن نفسك”، الجزيرة، موقع الكتروني.
أ.د محمود داود الربيعي.. تدريسي في جامعة المستقبل بابل