في الزمن الصدامي البغيض كان للمواطنين أسلوبهم الخاص في استخدام النكتة لمناهضة النظام وجبروته وقسوته معهم، وكانت تلك النكات تتداول على نطاق ضيق بين أخلص الأصدقاء والمحيط العائلي، وإن كانت تحدث بعض “الخروقات” التي ذهب ضحيتها الكثير، إما بسبب روايته للنكتة إو استماعه لها دون أن يخبر أجهزة الأمن.
ساسة اليوم يعيدون البارحة الى الواجهة، لكن دون اختراقات فقد أصبحت النكتة من وسائل المواطن للسخرية من طبقة سياسية فاسدة وفاشلة، وهي سخرية علنية لأ ديمقراطيتنا العجيبة انتجت لنا هامشاً للسخرية من هؤلاء البغضاء دون الخشية من رجل أمن أو لابسي الزيتوني، مع خروقات محتملة وواردة لمذكرات القاء قبض بسبب وجهات نظر يعتبرونها في “بعض” الحالات سب وشتيمة يستحقونها حقيقة !
وآخر ماوصلني شخصياً وليس حصرياً، سخرية الناخب العراقي من المرشحين وكتلهم وإسلوبهم الرخيص في استدراج الناخبين، ليس على أساس البرامج الواضحة المعالم أو الغامضة، وإنما بانتهاك كرامته الشخصية ووجوده الإنساني، فصوت الناخب صار عرضة للبيع والشراء في سوق النخاسة السياسي في عصر صناديق الإقتراع من اليدوي الى البايومتري، يباع ويشترى بوجبة طعام رخيصة أو كيس بطاطا أو مبلغ من المال، صعوداً ونزولاً، حسب حساسية المنطقة والمخاوف منها!
للمواطن قراره برد الصاع لهؤلاء المرشحين وقال ” ناكل ثريد وننتخب مانريد”، أي أنه استخدم ذكاءه، فلا يرفض “سخاء” المرشحين، ولكنه سيذهب الى صناديق الاقتراع لينتخب مايريد.
والثريد كثر هذه الأيام وتزايدت صحونه مع بدء العد التنازلي للاقتراع، ويتوقع المواطن أن تتزين صحون الثريد “بسخاء” أكبر من الحاتمي، فيكون ثريداً مع بعض المال من بيت المال طبعاً، والذكي من المرشحين يستخدم إسلوب حلف اليمين أو القسم بالمقدسات عن الناس ليتأكد من حسابات الصناديق!
فأي يمين وأي مقدس لنائب قادم على بساطهما وماذا سنرتجي منه، اذا كانت البداية احتقار الناس وشراء أصواتهم وذممهم معاً، ومع أن المواطن سيتحمل عاقبة قبوله هذا النوع من المساومات الرخيصة، إلا أنه يمارس خداعه هوالآخر فيضرب الثريد وينتخب من يريد.
والسؤال: هل ذاك الذي يريد سيكون أفضل من أصحاب الثريد؟!
والله أعلم