تترقب جميع الأنظار الداخلية والأقليمية شكل الحكومة العراقية الجديدة؟ وهل ستكون قادرة على العوم في بحر الفساد وإنقاذ البلد، وإيصاله الى بر الأمان؟ وكيف ستتعامل مع الأطماع الإقليمية التي تحيط بها؟
كل هذه التساؤلات سنتعرف على إجابتها بعد أربعة أعوام من تاريخ اليوم، أما الآن فالأنظار الداخلية البسيطة متجهة صوب توفير الحقوق التي حرم منها الشعب على مدى سنين طويلة.
المواطن العراقي الذي عانى ما عاناه من ويلات الحروب العبثية التي زُج فيها من غير ذنب، كالمقابر الجماعية والحرب الطائفية الرعناء والانفجارات الدامية، وسقوط ثلث العراق بيد ارهابيي داعش في العام 2014. بعد كل هذه الأزمات يتجه العراق الان لتشكيل حكومة جديدة، وكل الأمنيات معقودة على أن لا تكون كسابقتها من الحكومات التي لم ير منها المواطن أبسط حقوق الانسان العادي، وليس حقوق مواطن دولة تسبح على بحر من نفط.
فيما تطمح الطبقة السياسية المنتفعة الى كيفية تشكيل حكومة تلبي آمالهم ومصالحهم الشخصية من المال العام وعلى حساب المواطن، ناهيك عن الأساليب والطرق القذرة التي تستخدمها للوصول لغاياتها، الا أن ازدياد وعي غالبية الشعب، جعل من الألاعيب السياسية حيلا مكشوفة، من قبيل اللعب على الوتر الطائفي، وتبادل الاتهامات بالفساد والعمالة فيما بينهم.
كل هذه الأساليب باتت معروفة للقاصي والداني من غالبية الشعب، إلا من بعض المغرر بهم أو ممن باع ضميره، يميل ويدافع عن هذه الأطراف المنتفعة بكل ما أوتي من قوة.
أما الأطراف الإقليمية التي تحظى بدور لا يمكن لأحد أن يقلل من شأنه في تشكيل الحكومة القادمة، وما مدى استجابة الأخيرة لصالحها، فهي تنظر للعراق كسوق اقتصادي كبير لتصريف بضائعها، إذ أن لديها مأجورين في العراق يتكفلون بتصريف هذه البضائع عن طريق أضعاف المنتج المحلي أو قد يصل الحال الى قطعه تماماً بطرق غير شرعية أو قانونية، لكي يتسنى لبضائع الدول الطامعة الهيمنة على السوق والسيطرة عليه.
أضف الى ذلك، فان تلك البضائع قد تدخل بلا كمرك أو حتى من دون المرور بلجنة لفحص جودة المنتج. بعد ذلك تقوم بتقسيم الأرباح الواردة من هذا السوق الاقتصادي الكبير الى نصفين، الأول في جيوبها، والثاني لحساب أجنداتها في العراق، حيث يطبلون باعلامهم الاصفر، ويدعون أنهم قد ساعدونا وأنهم أصحاب فضل علينا، ولكن في الواقع هم لم يساعدوا سوى مصالحهم وأطماعهم.
ختاما يصف الروائي الفلسطيني الراحل غسان كنفاني هذه الطبقة وصفا يليق بهم بالقول:
(يسرقون رغيفك، ثم يعطونك منه كسرة
ويأمرونك أن تشكرهم على كرمهم يا لوقاحتهم).