في أدنى مستويات الانحدار القيمي السياسي، يقوم رئيس البرلمان العراقي المشكوك بشرعيته محمد الحلبوسي، برشوة طلبة الأقسام الداخلية بجامعة الفلوجة، بمبلغ 100 دولار اميركي، والسبب لا يثير الدهشة، وهو يصدر من احتمالية سياسي جاء الى المنصب بالمال والتحاصص.. بكل بساطة طلب منهم ان لايضربوا عن الدوام في جامعتهم تضامنا مع اخوتهم.. أبطال الانتفاضة المباركة.
لو طلب منهم ذلك دون استخدام المال الذي تعود على استخدامه بيعاً وشراءً في سوق النخاسة السياسية في العراق، لكان ذلك مبررا له، فالقضية في النهاية وجهة نظر، لكنه واصل ممارسة السلوك السياسي الذي تعوّد عليه، فتبنى نظرية الانحدار القيمي السياسي والاجتماعي التي تقول: “كل شيء قابل للبيع والشراء.. ولكل شيء ثمن”، وبذلك سلّع الحلبوسي كل شيء، وهو محق في ذلك فقد كان من ضحايا او متبني هذا التسليع الذي دمر الحياة السياسية في البلاد.
لكن، يا لخيبته، لم يدر بخلده أو يتصور في اطار منظومته الاخلاقية السياسية، انه يواجه جيلاً صادماً لا يباع ولا يشترى في الدائرة الضيقة لرئيس مجلس النواب، التي جاء على قطار التحاصص بطريقة لاغرابة فيها فقد كان مطلب الاقوياء في عالم التحاصص ان يأتي العوبة على راس مجلس هو الآخر مشكوك بسلامة شرعية تمثيله للشعب، طلبتنا الشجعان ماذا فعلوا بالمائة دولار التافهة؟
بكل بساطة جمعوها وارسلوها تبرعا لاخوتهم المصابين برصاص الغدر والفاشية في محافظة ذي قار البطلة . وبذلك وجهوا للحلبوسي صفعة للمنظومة القيمية التي يتبناها منهجا وسلوكا في تعامله السياسي محرزا بعض التقدم في المساحات السياسية الرخوة.. صفعة للحلبوسي كانت مفاجأة له.
مفاجأة من طراز خاص لم ولن يتخلص من آثارها حتى زمن مبهم، لأنها كانت معلنة الصوت أمام جمهور كبير حاول الحلبوسي خداعه بقيم من نوع آخر فسقط في مستنقع قيمه السياسية نفسها، وللانصاف، فالرجل لا يكترث بمثل هذا السقوط القيمي السياسي، لان الحقيقة، هي ان وعي جيلنا الجديد الخارج من ازمات شبكات العنكبوت بكل غائيتها ، ادرك اللعبة القذرة ومآلاتها وما أدت اليه بالبلاد والعباد معاً فاسقط منطلقات الحلبوسي وقيمه السياسية.
صفعة ربما افهمت أو ستفهم الحلبوسي، ان عباءة قيمه السياسية ضيقة جدا على جيل ثورة ساحات التحرير التي لم يفهما الا كحركة احتجاجية ستهمد قبل ان يقوى عودها وتنضج كثورة تهشم قيم الحلبوسي ومن لف لفه ممن اعتقدوا ان لهم زمنا مفتوحا على مصاريعه.. لقد قال طلبة جامعة الفلوجة الشجعان للحلبوسي بكل وضوح: اذهب انت ونقودك الى مستنقع النفايات السياسية الواسعة المساحة في تاريخ هذا العراق!
صفعة ربما تعيد له شيء من الوعي ، بان لايتصرف ككومبارس في برنامج تلفزيوني متواضع ، امام شجعان هذي البلاد، الذين سيواصلون صفعه كلما تورط بالتعامل معهم وفق منطق سوق النخاسة السياسية الذي يغريه التجول فيه باوقات الفراغ.