في مقال سابق نشرناه هنا في صحيفة العالم الجديد، تساءلنا: ماذا يفعل الشيخ خميس الخنجر في بغداد؟
وقلنا وقتها (قبل الانتخابات)، إن وجوده في بغداد هو الطبيعي وابتعاده عنها هو الاستثناء، خصوصاً وأن الشيخ شخصية مؤثرة في أوساط سياسية عديدة وخصوصاً في صفوف المكوّن السني تحديداً..
وقلنا إن بناء عملية سياسية ناجحة ينبغي أن تلغي من قاموسها مفردات الإقصاء والتهميش والتسقيط ، لأنها من أهم أسباب فشل العملية السياسية في البلاد حتى الآن.
وحسب تسريبات، خاصة فإن محاولات حثيثة يجريها وسطاء نشطون، لاستثمار وجود الخنجر في بغداد لإجراء اجتماعات بين الشيخ الخنجر وقيادات شيعية من أهمها اللقاء بالسيد مقتدى الصدر الذي فاز الائتلاف الذي يرعاه (سائرون) بأغلبية الأصوات وحصد 55 مقعداً برلمانياً.
وقال الخنجر في أول تغريدة له بعد وصوله إلى بغداد يوم الأربعاء “جئنا اليوم إلى بغداد السلام؛ لتدشين مرحلة جديدة من البناء والتنمية والسلام.. سنعيش هنا بين أهلنا ونشاركهم طموحاتهم وآمالهم بعراق جديد حر مستقل”.
إذاً هي رسالة سلام وبناء واضحة المعالم، وشخصياً لا أعتقد بأن حواجز عدم اللقاء كبيرة أو يصعب تجاوزها، فالسيد الصدر قال في تغريدة له قبل أيام “انا مقتدى شيعي العلا.. سني الصدى.. مسيحي الشذى.. صابئي الرؤى.. إيزيدي الولا.. مدني النهى.. عربي القنى.. كردي السنا.. آشوري الدنى.. كلداني الفنى.. شبكي الذرى.. (عراقي أنا).. فلا تتوقعوا مني أي تخندق طائفي يعيد لنا الردى ويجدد العدى.. بل نحو تحالف شامل وتلك هي البشرى ولن نتنازل عن ذلك طول المدى..”.
خطابان يكمل أحدهما الآخر ومن الضروري أن يلتقيا على أرض الواقع للإنطلاق نحو فضاءات وطنية عراقية حقيقية خارج الشعارات وبعيداً عن أي محاولات تجري علناً وفي الخفاء من أجل عودة البلاد إلى التخندقات الطائفية التي يرفضها كل من السيد الصدر والشيخ الخنجر كفكرة وشعارات وعلى تطبيقات أرض الواقع.
وينبغي أن لا تلعب لغة الأرقام فعلها السيئ في الرؤية للأزمة العراقية، فالشيخ الخنجر يتعدى تأثيره بكثير عدد المقاعد التي حصل عليها إئتلافه (إئتلاف القرار العراقي).. والسيد مقتدى الصدر يتعدى تأثيره بكثير عدد المقاعد التي حصدها ائتلاف سائرون.
فالانتخابات شابها الكثير من عدم الشفافية، بل واتهامات التزوير الفضائحي، وطالبت كتل سياسية حتى بإعادة الإنتخابات..!
المؤكد إن تحالفاً يجمع الصدر بالخنجر سيكون جاذباً لكتل سنيّة ما زالت لم تحسم مواقعها بعد ومقاعد مدنية يشجعها وجود الحزب الشيوعي العراقي في صفوف هذا التحالف.
حقيقة أمامنا فرصة مؤاتية جداً لتحقيق الشعارات وتطبيقها على أرض الواقع، وقطع الطريق على أولئك الدين يسعون بدفع خارجي الى خندقة الجميع والعودة، كما يقال الى المربع الأول الذي غادرناه بثمن غال من الدم والدموع وضياع الزمن.
أمام الزعيمين فرصة من ذهب لا تعوّض للذهاب بعيداً في الفضاء الوطني الى نهاية شوطه لإنقاذ البلاد من عنق الزجاجة القاتل.
جماهيرهما بانتظار تجاوز الخطوط الحمر الموهومة.. فالوقت اليوم للعمل وليس للبهرجات الكلامية.
هل يفعلها الصدر والخنجر..؟ سؤال لن تكون إجابته متأخرة..!