صحيح إن السياسة كما وصفها منظروها بـ”فن الممكن” وفلسفتها براغماتية الأمير لماكيفيلي، إلا أن الكثير من ساستنا أصبحوا بفعل هذه المقولة وهذا التنظير، ملكيين أكثر من الملك نفسه لينطبق عليهم المأثور الشعبي البغدادي “لاحظت بارجيلها ولا خذت سيد علي”.
خذ مثلا، السياسي خميس الخنجر الأمين العام للمشروع العربي في العراق والذي انخرط بأجواء العملية السياسية الفاشلة بعد مؤتمره التأسيسي الأول الذي عقد في الثالث عشر من تموز 2017 حاصلاً على بركات مفوضية الانتخابات لخوض المعترك السياسي عبر صناديق الاقتراع التي خيّبت آمال الجماهير المحترقة بنار الأزمات التي حوّلت حياة العراقيين الى جحيم، حيث اتجهت أنظار شرائح واسعة من الجمهور السنّي اليه، بدافع إحداث الفارق أو انتشال محافظاتهم التي تدمرت بسبب داعش وآثار عمليات التحرير، وذلك بفعل إسهاماته المالية والخيرية بين النازحين وغيرهم.
فقد تعرض الى سيل عارم من أقسى الاتهامات وأكثرها سوءا، وهي تهم الإرهاب، وذلك من قبل قوى وقيادات شيعية بالتحديد، والتي كان بعضها يتواصل معه صباحاً ويشتمه مساءً، واليوم.. يذهب الجميع الى خانة تحالف المصالح، إنها المصالح الحزبية الضيقة وليست مصالح الشعب المحتج في ساحات التحرير، وتحديداً ساحات المحافظات الشيعية!!
وبدخوله مع حزبه الانتخابات الأخيرة والتي وصفت بأسوأ انتخابات في تأريخ العراق من حيث مستويات التزوير وانعدام الشفافية والسقوط المدوي لمفوضية الانتخابات بسبب انحيازاتها الفاضحة للقوى المتنفذة والتي تملك السلطة والسلاح والثروة والإعلام، تجددت الآمال عند السنّة بأن الخنجر سيكون مختلفاً ومتميزاً عن طبقة سياسية ملّوثة بالفساد والسرقات وأطراف منها وصل حد التلوث بدماء العراقيين.
لكن هذه الآمال سرعان ما تبددت بعد الذهاب الى تحالفات يعرفها الجمهور بأنها طائفية كالفتح ودولة القانون، فالكثير تمنوا على الخنجر استحضار ما قاله عن المالكي، واستحضار ما قاله الأخير عن احتجاجات جماهير المحافظات السنيّة قبل أن يختطفها الدواعش لتقود البلاد الى ما حصل عام 2014 من السقوط التراجيدي للمحافظات السنيّة تحديداً بيد اعتى تنظيم إرهابي في العالم..!
نعم كان بعض جماهير الخنجر يعول عليه بأن يكون أحد أدوات التغيير في البلاد.. ولكن خابت امالهم باختياره (بحسب ما هو متواتر من اخبار) طريق التحالف مع من كانوا سبباً في بلاء البلاد من سياسيي السنّة والشيعة على حد سواء.
ربما كان لدى الخنجر خيارات تحالفية أفضل وأنزه من التي يعمل عليها، مع دولة القانون برئاسة نوري المالكي الذي تخلى عنه الجمهور الشيعي وتركه لحزبه فقط!! وهذه دعوة للإفلات من فخ هذا التحالف الذي سيحرمه من تميّزه وتفرده لدى جمهوره، الذي يشعر بالخيبة والمرارة من طبقة سياسية فاشلة وعاجزة عن قيادة سفينة البلاد الى بر الأمان.