يتحدث الوسط الشعبي العراقي عادة عن “نقطة الحياء” إن سقطت سقط معها المرء أخلاقياً رجلاً أو إمرأة بل وحتى كائناً حيوانيا من صنف القرود التي تغطي وجوهها فيما مؤخراتها مكشوفة للعالم أجمع.
حزبا الدعوة والاسلامي يبشرانا بعدم خوضهما الانتخابات النيابية القادمة لكي “يفسحا” المجال لـ”جدد” منهما او من غيرهما للاستئناس بمقاعد البرلمان، وربما ظنّا، وبعض الظن إثم، أننا سنلطم الخدود ونشق الصدور حزناً، بل نموت كمداً على فراق الخديعة التي أرادا أن يسوّقاها للجمهور المستاء والغاضب والحانق والحاقد على ما فعلاه بالبلاد طولاً وعرضاً!
وشكل الخديعة مكشوف كمؤخرات القرود، أجلًكم الله، وبلا حياء كمن سقطت النقطة منه في عز النهار..! انسحابهما الخديعة من الانتخابات، ليس إلا إقراراً بفشلهما الذريع وخيانتهما، ليس لجمهورهما فقط، بل للقسم الذي أدياه وللآيديولوجيا التي يتستران خلفها وفيها..!
حزبان أضاعا البلاد وأغرقاها بالفساد والسرقات وسفك الدماء بالخطابات الطائفية العائشة على ماض “تليد” من الصراعات الدموية أرادا إحياءهما على إيقاعات حاضر ملتبس بالماضي هو الآخر.
لكن الخديعة لن تمر وان مرّت متشرذمة ومقسّمة بين الطوائف والكيانات والاحزاب تحت المسميات الباهرة للفتح والنصر والقانون والمدنية!
يريدان أن يقدما للجمهور صورة عن انسحابها “الأخلاقي” من الأبواب فيما يتستران على صورة الحقيقة بعودتهما من الشبابيك التي لاتقل سعّة عن الابواب التي انسحبا منها إن لم تكن أوسع بكثير.
وشكل الخديعة فاقع، ففيما يهرب حزب الدعوة من مواجهة فشله الكبير في قيادة البلاد باعتراف متلفز للسيد نوري المالكي، فانه يقسم جسمه “في جسوم كثيرة” كما قال أمير الصعاليك عروة بن الورد.. وإلا من هو المالكي ومن هو العبادي؟
وبغير التعريفات الشعبية لهما فانهما سيلتقيان “كنهري دجلة والفرات” كما سوّقت قيادات الحزب، ليعودا من جديد الى العرّاب الذي سيجمعهما معاً وهو حزب الدعوة، وينطبق علينا المثل الشعبي العراقي “نفس الطاس ونفس الحمام”، وإن بدت النتائج واضحة ومعلومة قبل أن يسدل الستار على انتخابات يشوبها الكثير من الجدل عن عدالة قانونها الانتخابي وتخمة الشارع العراقي بالمسلحين القانونيين والخارجين عن القانون.
وشكل الخديعة فاقع، ففيما يهرب الحزب الإسلامي من فشله ومسؤوليته عما جرى للمحافظات السنيّة وغرقه بشبهات الفساد، فان أمينه العام أياد السامرائي يعلن عدم خوض الحزب للانتخابات وإطلاق حرية الأعضاء بالترشيح في قوائم أخرى، يعني دعوة للتسلل الى بقية التكتلات بصفقات أو بأموال أو برشى أو خدع أخرى، ليعود الخادعون بعد الانتخابات للتجمع “كروافد دجلة” البريء منهم ومما فعلوه بالجمهور الذي أرادهم متوهماً، نجّادة إنقاذ فوجدهم سفينة منخورة بالفساد والصفقات المريبة. وإلا من هو سليم الجبوري وسلمان الجميلي؟!
الجبوري بقدرة قادر حكيم، تحوّل من الحزب الاسلامي الأم الى التيار المدني لينادي بدولة المواطنة، وكانت بالامس هويته هوية ديالى كما هي شهرته بتمرير قوانين أو بنود منها بصفقات مريبة تجري ليلاً أو تحت الطاولات لافرق فالنتيجة واحدة!
وسلمان الجميلي توصف أفعاله داخل اتحاد القوى بـ”السلمانيات ” التي يخشونها كثيرا لما فيها من ألاعيب وصفقات وحفر الحفر للآخرين وإن كانوا من ذوي القربى، متمسكا بقول “الأقربون أولى بالمعروف”، ومعروف جدا لقرباه ما يعني معروفه.
الأكيد أنهما أيقنا إنهما خارج المعادلة السياسية القادمة، لذلك كان عليهما أن يلبسا عباءة أخرى كي يكونا من المدعوين المقبول بهما في حفلة “الزار” القادمة!!