يعاقب القانون اللبناني كل من يرتكب فعل التنجيم وكل ما له علاقة بعلم الغيب بهدف الربح المادي، وتنص المادة 768 اليتيمة في قانون العقوبات اللبناني على الآتي: “يعاقب بالتوقيف التكديري وبالغرامة من عشرة آلاف إلى عشرين ألف ليرة لبنانية من يتعاطى بقصد الربح، مناجاة الأرواح والتنويم المغناطيسي، والتنجيم وقراءة الكف وقراءة ورق اللعب، وكل ما له علاقة بعلم الغيب، وتصادر الألبسة والعدد المستعملة، ويعاقب المكرر بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة حتى المائتي ألف ليرة لبنانية، ويمكن إبعاده إذا كان أجنبياً.”
لكن أين القانون اللبناني من المهزلة الحاصلة على المحطات اللبنانية ليلة رأس السنة، إذ يحتل المنجمون الشاشات ويحددون أقدار الناس ويتلاعبون بمصير البلد؟ لكن “كل شي بيتظبط على اللبناني”، فلم ينجح المُشرع بتطبيق القانون بسبب المحاولات الاحتيالية التي اعتمدها المنجمون عبر تكثيف ظهورهم على الشاشات والتذرع بأن قصد الربح غير متوفر، وبالتالي تسقط أحكام القانون لعدم توفر أركان الجرم المنصوص عليها. لكن مهلاً، فلنلقي نظرة على لعبة الرايتينغ، ولنطل على الموضوع من زاوية الإعلانات، التي طبعاً ليست مجانية وإنما مدفوعة.إذاً الربح المادي موجود وبقوة.
وفي أشد لحظات اليأس والتوتر والترقب يتعلق الناس “بحبال الهوا”. يصدقون أي أمل ولو كان كاذباً أو يستسلمون للخوف.والمشهد اللبناني اليوم تنطبق عليه، وبقوة، الحالة الثانية، أي الإنجراف في تيار الخوف بعد ظهور حديث لفتى التوقعات ميشال حايك لصحيفة L’orient Le Jour يتوقع فيه حصول “حدث كبير يتزامن مع عيد قديس أو عيد العذراء”. وتداول الناس توقعات حايك بكثرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي بعد الإنفجار الكبير الذي هز العاصمة بيروت في الرابع من آب (أغسطس) الجاري والذي كان قد أشار إليه الفلكي اللبناني سابقاً بقوله “نار تحت الرماد وأم المعارك بمرفأ بيروت.”
تبع التوقعات الأخيرة لحايك موجة من الرسائل الصوتية التي انتشرت كالنار بالهشيم بين اللبنانيين عبر “تطبيق الواتساب”، منها ما يقول أنها مصادر خاصة لقوات اليونيفيل الموجودة في لبنان ومنها ما أسند إلى الصليب الأحمر اللبناني وأخبار أخرى أسندت إلى ميشال حايك نفسه وأجمعت كل المصادر على تحذير اللبنانين من “حدث أمني كبير يستهدف العاصمة مع تحديد مناطق الأوزاعي، الجناح وفردان”، والطلب من الناس توخي الحذر ومغادرة العاصمة ليل الجمعة- السبت (14-15آب).
وفي سياق متصل، أصدر الصليب الأحمر اللبناني بياناً نفى فيه ” ما يتم تداوله من رسائل صوتية نسبت إليه على أنه يقوم بتحذير عناصره من التردد الى أماكن التجمعات بسبب الخوف من تفجيرات محتملة .”
هذه الأخبار خلقت حالة من الخوف في صفوف اللبنانيين الذين لم يتعافوا بعد من صدمة الإنفجار الذي هز العاصمة منذ أسبوع وراح ضحيته العديد من الشهداء والجرحى والمفقودين، فعمد البعض من العاملين في بيروت إلى أخذ إذن تغيب عن العمل في نهاية الأسبوع. كما ترك البعض الآخر منازلهم في العاصمة وقصدوا مناطق أخرى.
واعتبرت مصادر مطلعة أن انتشار مثل هذه المعلومات قد لا يكون عن طريق الصدفة وأنه من الممكن أن تكون الجهات الإستخباراتية اللبنانية هي من سربت مثل هذه الأخبار بسبب توفر معلومات لديها غير مؤكدة عن إمكانية حصول حدث أمني. فتكون بذلك قد أحبطت المخطط عن طريق كشفه.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التسريبات قد انتشرت عشية زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد هيل إلى بيروت “للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني ، والتأكيد على الحاجة الملحة للإصلاح الإقتصادي والمالي، والقضاء على الفساد المستشري، وتحقيق المساءلة والشفافية،وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العامة.” تزامناً مع انعقا د جلسة لمجلس النواب “لمناقشة الحكومة على الجريمة المُتمادية التي لحقت بالعاصمة والشعب وتجاهُلها”. هذا ومن المقرر نطق المحكمة الخاصة بلبنان بحكمها في قضية إغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في الثامن عشر من هذا الشهر.