حول العراقيون الهزات الارضيّة التي ضربت العاصمة و13 محافظة اخرى الى نكته يتداولونها على مواقع التواصل الاجتماعي، كعادتهم مع الحوادث التي تعودوا عليها بعد تعرفهم على عالم (السوشيال ميديا)، فالمواطن العراقي لا يترك قضية او حدث يشغل الشارع من دون إيجاد تعليقات مناسبة له، في محاولة للتغلب على اللحظات الصعبة وتحويلها الى مادة دسمة للضحك والمزاح تجتمع عندها القلوب التي تحاول الخلافات السياسية والمتصيدين بشباك الطائفية تفريقها، فترى الجميع يعبر بطريقته التي يراها تتلائم مع الحدث لينقل صورة واقعية من بيته او مكان عمله، جعلت خلالها صفحات (الفيسبوك) تتحول الى عراق مصغر تنتقل عبرها من محافظة الى اخرى بمجرد تحديث الصفحة بين ثانية واخرى فمرة ترى شباب في شوارع بغداد واخرى لمواطنين يفترشون الارض في العمارة وشباب يهربون من المقهى في ديالى، تلك الروحية التي يتصرف بها المواطن العراقي جعلت من الهزة الارضيّة مناسبة لانتقاد سلبيات المجتمع والتقصير الحكومي في توفير الخدمات للمواطنين.
لكن التعليقات لم تكن بعيدة عن الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية حيث كان للسياسيين حصة منها، فالبعض تذكر مقولة أياد علاوي (والله ما ادري) وتصريحات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي عن وجود مؤامرات خارجية وراء كل أزمة تشهدها البلاد، اما السياسيون السنة فكان لهم نصيب ايضا، من خلال عدم التهميش والمطالبة بالتوافق الوطني وتوزيع الهزات الارضيّة على جميع المحافظات، عن طريق تعليقات نسبت لاسامة النجيفي وبعض الساسة الذين يستغلون المناسبات للتحدث بلسان طائفي، في حين لجئ بعض المعلقين الى استذكار قرارات تعطيل الدوام الرسمي، بطريقة ساخرة من خلال عرضها بعد منتصف الليل كما يحصل في غالبية قرارات العطل الرسمية التي يعلنها مجلس الوزراء، وخاصة عند ارتفاع درجات الحرارة او غرق بعض مناطق العاصمة بسبب الامطار، في حين ذهب اخرون الى ربط الهزة بلقاء سعد الحريري المحتجز في السعودية والذي تزامن مع وقوعها، ونقل سؤال المحاورة بولا يعقوبيان التي أبلغت الحريري عن حصول هزة ارضية في العراق وتعليقها (ان شاء الله مايكون مضبوط)، في حين كان الحديث عن الخلافات بين السنة والشيعة واضحا في التعليقات على الهزة والذي اختصره احد المدونيين بالقول (صديقي شيعي سألته شلون اخبار الهزة يمكم جاوبني احنة الهزة باجر مو اليوم).
تلك الأحداث وطرق تناولها من قبل العراقيين عكست حقيقة واحدة لا تقبل القسمة على اثنين وهي ان (الشعوب المناضلة لن تموت) فالنضال لا يعني القتال فقط انما البحث عن السعادة في كل مكان وعدم الاستسلام للقدر وما يخطط له الانفصاليون واصحاب الأقلام الماجورة، فهؤلاء هم أبناء العراق يستغلون كل مناسبة للتعبير عن مايدور بداخلهم بطرق تدعو للتفاؤل وحب الحياة، وهو ماتعجز عنه الكثير من شعوب العالم،،، فحين تسألني ماذا احصل أمس،، جوابي سيكون (زلزال على الطريقة العراقية). وليس هزة ارضية…