صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

السلطان عبد الحميد يتذكر الكويت وإسرائيل

في الوقت الذي يتواصل فيه عرض مسلسل (السلطان عبد الحميد الثاني) يزداد الاهتمام الشعبي والرسمي في العديد من الدول التي يتناولها المسلسل بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مسلسل كبير ومشوق تحاول تركيا من خلالهِ ربط الماضي بالحاضر وإضفاء صفة التميز والكبرياء والفخار للدولة العثمانية وشعوبها ولآخر السلاطين من عائلة آل عثمان .وكما يبدو للجميع أنّ حكومة أردوغان تهتم كثيرا ًبهذا المسلسل، وتقف خلف الكثير من المشاهد والحوارات التي تريد تركيا من خلالها إيصال رسائل مهمة إلى العالم بصورة عامة وإلى المجتمعات الاسلامية بصورة خاصة.

ألملاحظ أنَّ تركيا انتبهت مؤخراً إلى جهل العالم العربي والإسلامي بتاريخ الدولة العثمانية، فأنتجت أكبر عملين فنيين في الدراما التركية، ألأول يسلط الضوء على فترة تأسيس الدولة العثمانية على يد القائد القبلي سليمان ارطغرل وأبنه عثمان، والثاني يخص و يوثق تفاصيل السنوات الأخيرة للدولة العثمانية وسلطانها الكبير عبد الحميد الثاني، والذي يعتقد البعض إنهُ ظُلمَ كثيراً، كونه جاء في زمن ضعفت فيهِ الدولة العثمانية وأصبحت آيلة للسقوط، ولو كان في غير زمان لشهدت الدولة العثمانية على يدهِ الكثير من الأنجازات، حالهُ حالْ سليمان القانوني ومحمد الفاتح أو حتى عثمان بن أرطغرل هذا من جانب، وايضاً ظلمَ كثيراً كون الغرب إستطاع أن يشوه سيرته ويطلق عليه تسمية (السلطان ألأحمر).

من خلال المقدمة البسيطة يظهر جلياً أن المسلسل عبارة عن حملة اعلامية كبرى تقوم بها تركيا لتعريف العالم بماضي الدولة العثمانية، وكشف النقاب عن ما كان يدور في تلك الحقبة الزمنية المهمة التي أُسست من خلالها وبعدها خارطة دول الشرق الاوسط . ولا يخفى على أحد أيضاً، أنَّ أهم أهداف هذا المسلسل المتعدد الغايات هو تغيير فكرة وصورة الناس عن ما قيل وكتب عن أهم سلاطين الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وإنصافه ِ بعد مرور أكثر من مائة عام على عزلهِ .

نأتي الآن إلى عنوان المقال، والذي يشير إلى دولتين نشأتا وأسستا في القرن العشرين،تناولهما المؤلف بنسب متفاوتة،ألأولى ظهرت على الوجود بعد ثلاثين عاماً من وفاة عبد الحميد وهي دولة (إسرائيل)، حيث خصص لها المؤلف عدة حلقات تناولت بشكل مسهب قضية الوطن البديل لليهود ورفض عبد الحميد التنازل لليهودي هيرتزل عن أي شبر من أرض فلسطين التي كانت تقع ضمن حدود الدولة العثمانية، ومحاولات بريطانيا وروسيا والدول العظمى التأثير على قرار السلطان بهذا الخصوص .هذه المشاهد أثارت هذه الأيام العديد من العواصم ألاوربية منها لندن وتل ابيب،ووجهت الإتهام إلى تركيا وحكومة أوردغان بالتأثير على شعوب العالم العربي والإسلامي وغسل أدمغة ألأجيال الجديدة .

أما الدولة الثانية (الكويت) التي تطرق إليها المسلسل من خلال مشهد واحد فقط، فقد كان هذا المشهد كافياً لدولة الكويت لكي توضح للعالم أنَّ الكويت امتلكت مقومات الدولة منذ ذلك الزمن. استقلت الكويت عن بريطانيا بداية عقد الستينيات من القرن الماضي، بعد أكثر من أربعين عاماَ من وفاة السلطان عبد الحميد، وكما يعلم الجميع أن هذا الاستقلال أدى إلى اعتراض العراق بقوة بزمن عبد الكريم قاسم وغزاها أيضاً صدام حسين عام 1990، ثم حررها التحالف الدولي عام 1991، الكويت وجدت ضالتها في هذا المسلسل وهي التي تنقب وتبحث في أروقة التاريخ عن أدلة أو وقائع تعزز وتثبت شرعية دولتها وكيانها هذا من جانب، ولتسكت أي محاولة قادمة يقوم بها العراق للمطالبة بها من جانب أخر .

الحلقة (75) من المسلسل تضمنت مشهداً يُظهر أحد الشخصيات الكويتية المهمة في ديوان السلطان عبد الحميد، وهو شخص يدعى (إبراهيم جاسم)، يقدم هدية من الكويت للسلطان عبد الحميد، الهدية عبارة عن (الحلية النبوية)، يقرأ السلطان فيها أوصاف الرسول محمد صلى الله عليه وأله وصحبه وسلم، ويثني على أهل الكويت، وفي نفس الوقت يعتب عليهم لأنهم تأخروا عليه بالهدايا وقدموا عليه الهند والصين،وأخيراً يدعوا لهم ويطلب منهم تسمية حفيدهم المنتظر باسم الرسول (محمد) .

من الممكن أن تكون مثل هكذا واقعة حدثت لإحد أعيان الكويت مع السلطان، لكن المغزى كما ذكرنا واضح، ويثير العديد من الأسئلة الكبيرة أهمها، من أين للكويت في ذاك الزمان هذه الثروة الكبيرة ؟ وما مناسبة ظهور مشهد وحيد في المسلسل لا علاقة له كلياً أو جزئياً بأحداث المسلسل؟

أخيراً نقول ما لم يقدمه السلطان عبد الحميد للكويت وأسرائيل في فترة حكمهِ وسلطانهِ، يحاول الأتراك مداواته ومعالجته ولو درامياً..

أقرأ أيضا