منهج النهضة الحسينية منهج حياة وآباء وتصحيح انحراف حاول الأمويون تكريسه في الاسلام لتبرير وشرعنة مقبولية ومشروعية الحكام.
منهج النهضة مشروع حرية من سلطة الظالمين ورفض لهيمنة الجائرين وتفتيت مبررات إطاعة حكام الجور بتحريف واضح لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) لتوجيه لخطاب السماء وتفسير لمتبادرات الذهن لمفهوم (أولي الامر) وفق ما يريده وعاظ السلاطين ارضاء الحاكمين الظالمين.
منهج النهضة الحسينية منهج متجدد ومتمدد في الوعي الإنساني فالنهوض والقيام ضد الظلم والانحراف لا يتأكد بمذهب او دين ولذلك فأن النهضة خارجة عن اطر المذهبية وحتى الأديان.
وبقاء منهج الثورة وديمومتها والحفاظ عليها يتحقق من خلال أمرين هما:
1- تجذير الوعي من خلال كتابة التاريخ وتدوينه بعيداً عن تاثيرات وتدخلات حكام الجور.
2- تجذير العاطفة والحماس من خلال الشعائر الحسينية وابقاء جذوة الثورة متوهجة.
فالتوازن بين توظيف الوعي والعواطف في الشعائر واحدة من أسباب خلود النهضة واستمرارها رغم محاولات الأنظمة المتعاقبة محاربة هذه الشعائر وتحريفها وإفراغها من محتواها الهادف والملتزم.
وما يهدد منهج التصحيح والإصلاح في النهضة الحسينية هو الإفراط في الابتداع في هذه الشعائر.
وضبط ذلك صعب ولعله مستحيل في واقع شعبي لا يصغي كثيراً الى صيحات التصحيح والإصلاح ويرى ذلك هجمة منظمة ضد تلك الشعائر.
الإفراط او التفريط بالوعي او الشعائر سبب ادخال عادات ومبتدعات في هذه الشعائر أدت الى اعانة الأعداء لتوجيه ضربة موجعة لهذا المنهج فالتوازن الدقيق بلا افراط او تفريط بين الوعي والعاطفة يحتاج الى دقة ونباهة عاليتين لا يمكن السيطرة عليهما في واقع شعبي منفلت في ادخال مفاهيم في هذه الشعائر.
فنحن بين تحديات واقعية تهدد هذا المنهج بين المبالغة في العواطف والجانب الماساوي واهمال جوانب الوعي ومفاهيم الحرية والخروج عن طاعة الظالمين او المبالغة في جانب الوعي والتنظير والنقد اللاذع للشعائر ومحاربة كل ما يحرك تلك العواطف واثارة مشاعر الانسان عن مأساوية الحدث وفداحته وبشاعة الفاعلين لمجزرة ألطف.
فالوسطية والتوازن في هذا الفهم لابد من تكريسه في الواقع الحسيني ويجب ان يكون للمنبر الحسيني احد دعائم الشعائر دور إيجابي ومؤثر في توجيه مسارات الوعي من جهة واداءات الشعائر من جهة ثانية.
فمحاولة تكريس الخرافة والجهل والسذاجة في تناول حدث كربلاء يتنافى والغرض الذي خرج من اجله الامام الحسين: (اني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي)
فالإمام الحسين ضرب الجور والظلم لا لكي نضرب رؤوسنا وقالوا: كونوا أحراراً في دنياكم لا لكي نكون عبيد وخانعين لغيرنا.
فالولاء الحسيني الذي أراده الامام الحسين لا يتأتى من خلال الطاعة العمياء بلا بصيرة ووعي بل أراده بقناعة ووعي بلا تضليل وتجهيل ولذلك قال لاصحابه:
(اما بعد فإني لا اعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت ابر ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني جميعا خيرا ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا، ألا وإني قد رأيت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام.
هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فان القوم إنما يطلبونني ولو قد اصابوني لهوا عن غيري)
ومواجهة هذا التحريف والتزييف في منهج النهضة يحتاج الى جهود استثنائية تشترك فيها المرجعيات الدينية والمنابر الحسينية ووسائل الاعلام لكي نحافظ على هذا النهج دون إعطاء مبررات لاعدائنا لتوجيه إساءة ضد تلك الشعائر.