الصمت المعبر عن التواطؤ مع الجريمة والمجرمين بات اسلوبا ممنهجا اتقنه جميع المهرجين في سوق السياسة العراقية من الجهلة والحمقى والانتهازيين واللصوص سواء كانوا يرتدون عمامة او ربطة عنق، وفي مقدمتهم اولئك الامعات – رجالا ونساء- ممن يحسبون على سكان مدينة الموصل الشرفاء.
وازاء كارثة الجانب الايمن، وتحديدا في الموصل القديمة، التزم الجميع سياسة الصمت الملغم بالشبهات إن لم يكن يعكس توافقا وتماهيا مع نوايا مرتكبي المذبحة، بينما قلة جدا من العراقيين (مثقفين وغير مثقفين، جهلة ومتعلمين) تضامنوا مع المنكوبين في مقدمتهم الشاعرة امل الجبوري التي لم تتوان من ان تغادر حياة الرفاهية في لندن، تاركة مشاريعها الادبية وعائلتها لتجتاز حاجز الخوف والرعب الذي يغلف الناس البسطاء المنكوبين في ايمن الموصل، ولتتحدث نيابة عنهم، بهدف كشف الحقيقة التي تواطأت الجهات الرسمية في بغداد ونينوى على طمرها تحت انقاض الموصل القديمة، لان كشفها يعني ازاحة اكداس من الاكاذيب التي الصقت زورا وتعمدا بحق سكان الموصل وتحديدا العرب السنة بعد ان تناوب على ترويجها مرتزقة الاعلام ومرتزقة المنظمات والعديد من زعماء الطوائف والاقليات، لكي تترسخ في اذهان العالم فكرة انهم ارهابيون ومتواطئون مع قوى الارهاب، وليكون ذلك مقدمة تبرر عملية قتلهم بشكل جماعي دون ان يتعاطف معهم احد، وليبقى التعاطف مقتصرا على ضحايا الاقليات والاثنيات الذين لا أحد ينكر ماتعرضوا له من تهجير وتنكيل على يد داعش.
هذه الايام تتكشف امام العراقيين الشرفاء والعالم، عديد الحقائق التي تؤكد بالادلة والبراهين بان من يصر على ادخال المخدرات الى وسط وجنوب العراق من سياسي الصدفة واذلاء وادلاء الغازي الاجنبي هم انفسهم من تواطأوا على فتح الابواب لدخول الدواعش بوضح النهار الى الموصل وامروا جيشهم بان ينسحب امامهم دون قتال، وليسقط بالتالي المدنيون الابرياء في الفخ الذي نصب لهم بمكر ودهاء من قبل مخلوقات مشوهة الضمائر، تعودت ان تلعب دور الخيانة بحق وطنها حتى قبل ان تصل الى السلطة بعد العام ٢٠٠٣، وبذلك اصبح الموصليون المدنيون العزل في وضع ملتبس لايحسدون عليه، بموجبه ما عادوا يمتلكون الفرصة للدفاع عن انفسهم عندما توجه اليهم تهمة الخيانة او التواطؤ مع الارهابيين من بعد ان حشروا في زاوية ضيقة بدوا فيها على صورة المجرمين الذين يستحقون الموت الجماعي كما حصل فعلا في ما بعد، ولتطمر خلف هذه الصورة المزيفة التي روجت عنهم كل التفاصيل والوقائع التي تؤكد على انهم كانوا ضحية عقول طائفية متخلفة انتجها نظام سياسي إن لم يكن قد ولد ميتاً فهو مصاب ـ وراثيا ـ بحالة تخلف عقلي وتشوه في الضمير .
فما المرتجى من مخلوق على هذه الصورة؟ ومن المستفيد من وجوده؟ وماذا سيكون عليه مستقبل البلاد في حال استمراره؟
وهل من امل في إصلاحه بعد هذا العوق الخَلقي والخُلقي الذي يتلبسه من رأسه الى قدميه؟