صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الطرق لا تؤدي إلى طهران

هل مازال القول بأن كل الطرق من بغداد تؤدي إلى طهران؟ ليس عسيراً الإجابة على هذا السؤال برؤية متفحصة ومحايدة أيضاً، لمؤشرات ورسائل مشفّرة وعلنية وتحركات من بغداد وفي بغداد وإلى بغداد، من إن الطرق كلّها لم تعد سالكة إلى طهران، وإن مشروعاً جديداً ناضجاً لتعبيد طرقاً تؤدي إلى عواصم أخرى لفك الاستعصاء في حدود عابرة للأزمة العراقية، وإن كانت نواتها ومفصل فك عقدتها.

طهران تدرك ذلك بحسها الإحترافي السياسي وخبرتها بإصول اللعبة الاميركية التي رسم ويرسم ملامحها ترامب على أنقاض لعبة أوبامية فقيرة المحتوى أبعدت اللاعب الاميركي القوي عن المنطقة، وإن مؤقتاً، من ساحة صراع مفتوحة ومنفتحة على إحتمالات المفاجأة.

واشنطن لم تعجبها لعبة أوباما، ليأتي ترامب بعصاه الغليضة ووجهه المكفهر حتى في ابتسامته، ليقول، غير مسموح على الإطلاق اللعب بطريقة دفاع المنطقة، وإن أميركا ليست “حامية الحمى” المجانية، وحان الوقت لعصر جديد في المنطقة.

هكذا يقول ترامب.. طهران لن تستسلم بسهولة لإصول لعبة جديدة، مسرحها العراق، تعرف جيداً بعض مفاصلها وآلية اشتغالها، ولها في تصانيف الألعاب خبرة ” التلاوي” مع الخصم الكبير ..أميركا.. ولايفوتها أن اللعبة.. أكبر من اتفاقية المفاعل النووي.. أكبر من العقوبات الإقتصادية.. أكبر من التحجيم والاحتواء.. أكبر من التخادم المصلحي والخروج بتصالحات هشّة تنفرط مع أو صدام..

تعرف طهران جيداً، إن مساحة اللعبة الأميركية القادمة أكبر من فتات التنازلات، وإن شوطها الأول ستنطلق صافرته من العراق تحت يافطة ” كفى في العراق” !

بغداد وحدها التي تسمع في اللعبة وأصولها، لكنها الغائبة عن المعرفة والفهم والتأثير، وستقبل بدور الإحتياط كورقة، قد تكون رابحة أو خاسرة بسوء تقدير من مدرب يخوض لعبة كبيرة وقوية، لكنّه يريدها مضمونة النتائج !

طهران لن تقبل بدور الصدى والإنزياح التكتيكي من مساحة اللعبة، فلها من الأدوات والأوراق ما يجعل اللعب السهل للأميركان عصياً، وأحياناً متعذراً بسبب أذرعها القوية في الجغرافية العراقية، تلك الأذرع التي ستنحاز في خضم الصراع إلى الحليف الإيراني القوي والمطاول في صراعات وجود من هذا النوع !

الحقيقة الأكيدة في مشهد اللعبة الجهنمية الجارية والقادمة تفاصيلها قريباً، هي إن من كان يعتقد إن كل الطرق تؤدي إلى طهران، أيقن، إلى حد بعيد، إنها طرق مراهنة محفوفة بالمخاطر، فيما القرار السياسي في طهران، أيقن أيضاً، إلى حد بعيد، إن الطرق كلها لم تعد سالكة إلى طهران، وإن من الحلفاء السابقين من سيغير بوصلته في إطار فهمه لإصول اللعبة الجديدة !

ولكن ماهي هذه اللعبة؟ بالتأكيد إنها لن تشبه لعبة “باربي” ولا حصانها الجميل!!

    

أقرأ أيضا