قارنوا بين الصورتين، ولن تجدوا صعوبة في معرفة مدى الحقد الذي يحمله المناضلون السياسيون والمعارضون السابقون من الاسلاميين وغير الاسلاميين تجاه العراقيين الذين تمسكوا ببلدهم ولم يتخلوا عنه.
الصورة الاولى.. للعراقية أم يوسف تبلغ من العمر (62 عاما) فقدت ابناءها الاربعة بعد ان اعدمهم تنظيم داعش بتاريخ 3/ 11/ 2016 لانهم كانوا يعملون ضمن صفوف قوات الجيش والشرطة العراقية، اما ابنها الخامس فقد سقط هو الآخر قتيلا مع زوجته ومعهما سقط ايضا 300 اخرين في مجزرة حي الزنجيلي اثناء تحريرالجانب الايمن من الموصل. اما زوجها فهو الأخر مصاب بمرض الزهايمر.
هذه المرأة تقيم اليوم في بيت صغير استأجرته ومعها (22) حفيدا يتيما، بعد ان فقدت بيتها في حي شارع فاروق الذي يقع في منطقة الموصل القديمة،اثناء الحرب بعد ان اصبح انقاضا.
الدولة تخلت عنها، وكذلك الحكومة المحلية، ومجلس المحافظة، رغم انها قدمت خمسة مقاتلين كانوا يدافعون عن الدولة، لكن هذه الحرة، ابنة الاصول الكريمة، والمنبت الطيب، لم تتخل عن مسؤوليتها كجدة وأم وانسانة حرة شريفة، تجاه احفادها رغم شيخوختها، كما لم يتخل عنها ايضا الخيرون من ابناء المدينة وهم كثيرون ولن تعدم الموصل منهم.
الصورة الثانية.. للعراقية (امل) التي تنتمي عائلتها الى احد الاحزاب الاسلاموية التي تحكم العراق اليوم، شاركت في واحد من برامج الواقع الاميركية الذي يبث بشكل مباشر الى المشاهدين طيلة 24 ساعة ولمدة 21 يوما، كانت تظهر فيه عارية تماما برفقة اخرين (رجال ونساء) وقد عرضت حلقة (امل) مطلع شهر اذار الماضي 2018 على شاشة قناة ديسكفري الاميركية.
امل متزوجة ولها اولاد، تقيم هي وعائلتها (الام والاب اضافة الى أشقائها) في الولايات المتحدة الاميركية بصفة لاجئين سياسين باعتبارهم من جماعة مخيم (رفحاء) ويتقاضى كل فرد من افراد العائلة راتبا فلكيا من الحكومة العراقية (ملايين الدنانير شهريا)، باعتبارهم (مناضلين سياسيين ضد النظام السابق)، وحتى احفادهم الذين يولدون هناك، ولا يعرفون العراق، ولا ينتمون اليه، يتقاضى كل واحد منهم راتبا يعادل 2000$ شهريا، واي واحد منهم في ما لو تزوج امرأة اجنبية تتقاضى هي الاخرى راتبا شهريا من الحكومة العراقية باعتبارها زوجة (مجاهد) ينتمي لعائلة مناضلة. تزعم (أمل) مُعلقة حول مشاركتها أنها تقوم بهذه المشاركة في العرض، لـ«ترسم صورة مختلفة عن النساء المسلمات، ولتظهر أنهن أقوياء وباستطاعتهن فعل كل شي، ليس فقط البقاء في المنازل وتغطية أنفسهن».!!
جدير بالذكر أن قرار تخصيص رواتب وامتيازات كثيرة لا تعد ولا تحصى كان قد صدر قبل عامين من الان وباثر رجعي الى العام 2008، وبذلك فقد استلم جماعة رفحاء (الاجداد والاباء والابناء والاحفاد والزوجات الاجنبيات) وفقا للقرار، مجموع الاموال المتراكمة منذ ذلك العام 2008 وقد بلغت ارقاما مليارية لكل شخص بعد ان اضيفت اليها امتيازات مالية وسفر وعلاج ودراسة كلها تتكفل بها الدولة العراقية.
الهدف من هذه المقارنة هو تعرية خطاب تجار الدين والمجاهدين باسم القيم السماوية والعدالة الالهية والتستر بعباءة امام المظلومين والمقهورين علي بن ابي طالب والحسين الشهيد، ومعهم اولئك الذين يتقنون الدجل باسم البروليتاريا والفقراء والمحرومين والكادحين.