يذهب عادل عبد المهدي نحو أقصى غرب الحدود العراقية الأردنية ويبتعد مئات الكيلو مترات من الشرق المهيمن، متأملاً في الغرب العربي فسحة أمل وإنبعاثة جريئة لإقتصاد منهك مثقل بكل أحمال الفساد والتبعية، أن يحدث ذلك ويستأنف مشروع الغرب العربي رغم فشل محاولات سلفه في الحكومة السابقة مع الامريكان لإحياء طريق الغرب القديم الجديد، وأن يحدث ذلك رغم محاولة الجهات السياسية المستفيدة من موانيء الجنوب عرقلة إعادة سير عجلة خطوط الطرق السريعة في الغرب التي تعيد العراق وتجعله في عناق جديد مع اشقائه من الدول العربية. ماذا يمكن ان نقول؟ هل هو مؤشر أو برهان على جرأة عبد المهدي في تحدي منافسيه بخطوات عملية جاهزة لا يستطيع أحد ان يوقفها؟
عندما يحدث ذلك وبهذه الجرأة، نعلم أنه التحول الجديد قادم في عجلة الاقتصاد العراقي،عبد المهدي يذهب بعيداً ويفاجئ شركاءه في الحكومة، معتمداً على وصايا أمريكية قادته أخيراً إلى عودة الأمل لإستئناف المشروع الامريكي الذي بدأتهُ أمريكا بعد تحرير المحافظات الغربية من داعش وأوقفته هيمنة وشروط المجموعات المسلحة ومن يقف خلفها.
التنوع والعودة من جديد لمؤانئ البحر المتوسط والبحر الأحمر التي كانت شريان العراق على مدى القرون الماضية، وإنشاء المدن الصناعية الكبرى المشتركة بين العراق والأردن وتوقيع الإتفاقيات الطبية والتجارية وإتفاقات الطاقة الكهربائية والإعفاءات الكمركية لمئات السلع الأردنية، كلها لم تأت من إجل عيون الملك عبدالله أو عيون النشامى، بل من أجل مجال أوسع لحركة عجلة الإقتصاد العراقي،يرافقه تواجد العديد من الشركات الأمريكية الكبرى التي تنوي هذه المرة إستثمار كل المشاريع الكبيرة والصغيرة في العراق.
أصبح جلياً صعوبة عيش الاردن وإنتعاشها بدون العراق، ألأردن تعرف جيداً وتعترف بذلك بأن العراق البلد الذي أرضعها عندما كانت معدمة وواصلَ ذلك عندما بدأت تنهض، وأيقنت إن نهضتها في خطر طالما العراق بعيداً عنها، تاريخ التجارة والإقتصاد يسجل مدى إستفادة الأردن من العراق، لا يخفى على الجميع إن العراق كان ومازال أهم أسباب بناء وإنتعاش إقتصاد الأردن، يعود ذلك إلى ثمانينيات القرن الماضي عندما إستخدم العراق موانيء العقبة لنقل السلع والأسلحة أبان حربه الضروس مع الجارة إيران، ثم جاءت حقبة التسعينيات لتضع العراق كله في قلب الأردن، لا مجال لدخول السلع والبضائع والمسافرين من و إلى العراق إلا عن طريق الأردن. إستمر هذا الوضع لغاية 2003، بعد ذلك وجدت الأردن نفسها مرة ثانية أمام تدفق كبير لأموال العراقيين المنهوبة والهاربة من جحيم الحروب والملاحقة.
فتحت الأردن الباب واسعاً لرؤوس الأموال وغضت الطرف عن غسيل تلك الأموال وإستفادت منها في إستثمارات كبيرة،جعلت من إقتصادها، المثقل بالأعباءِ، يتنفس ويواصل حركته ولو ببطء،ما دفعها أخيراً إلى زيادة جرأة الإحترام للمستثمر العراقي وتفضيلهُ على المستثمر الأجنبي الذي لا يحمل في طياته إلا القليل من ألاموال والكثير من الكبرياء بالمقارنة مع والمستثمر العراقي الذي يحمل ملايين الدولارات مجهولة المصدر، لكنها مقبولة الوجهة ومحترمة إلى حد ما لتنمية إقتصادها.
اليوم الأردن والعراق كحكومات وشعوب وجه لوجه، يجدون انفسهم أمام سباق في تقديم التنازلات لكليهما،العراق يضع الحروف والأردن تضع النقاط، ينظرون إلى ميناءالعقبة ومنفذ طريبيل وأمكانية منافستهم موانيء (جبل علي ودبي والدمام وجدة) وغيرها من موانيء الخليج العربي الأخرى.
محاولة جريئة يقوم بها عبد المهدي لتحدي كل المعوقات وفتح باباً جديدة تتيح للإقتصاد العراقي التحرر من أعبائه المثقلة.