“الغاكة” اسم يطلقه أهالي الجنوب العراقي على طائر النورس، الذي يعيش على اكل السمك، يصطاده احيانا، ويعيش اخرى على اكل بقايا السمك الذي يتركه الصيادون على الجرف، وربما يأكل السمك الميت الذي يطفو على سطح الماء ان اضطر، ولذلك فهو يلاحق صيادي الأسماك حيثما ذهبوا، لعلمه بأنهم يوجدون حيث يوجد السمك، وهو المطلوب.
أما مصطلح ” الغواكة” فهو مصطلح جنوبي ايضا، يطلقه سكان الاهوار والمناطق المحيطة بها، على الناس الفقراء الذين يأتون بعد ذهاب الصيادين ويجمعون ما تبقى من سمك، فاطلقوا عليهم وصف “الغواكة” تشبيها بـ”الغاكة” أو النورس.
في السياسة يوجد “غواكة” ايضا، لكنهم يختلفون عن غواكة السمك، فأولئك فقراء مسالمون يبحثون عن لقمة عيش لسد رمقهم، وهؤلاء بياعة وطن ومشاريع خدمة لمن يدفع، يعتاشون على الازمات والمشاكل، ويبحثون عن الفتات والسحت الحرام، يسارعون مع ظهور كل ازمة لبث سمومهم وبذاءاتهم على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الفضائيات، يسوقون انفسهم بانهم محللون او ناشطون، محاولين استثمار الازمة اما للتقرب للطرف القوي فيها، او ارسال رسائل الطاعة والولاء، او بالتحريض على خصوم لهم، او التشفي الهابط، او بحثا عن المال و”الطشة”.
بعض “الغواكة” السياسيين لا يتخلون عن أدنى حدود المواطنة والولاء لبلدهم فقط، انما يخالفون قواعد الاخلاق وشرف الخصومة، فيعلنون عن مواقع حساسة في وطنهم الذي باعوه بلا ثمن، على امل ان تقصف او تدمر، وكأن القصف سيقع في كوكب اخر.! وبعضهم يتكلم وكانه اطلع على اسرار البنتاغون الامريكي، فيحذر من عواصف امريكية ساحقة ماحقة، وبعضهم لا يميز بين عاهرة اسرائيلية تسكع معها في احد الحانات باوربا، وبين افيخاي ادرعي الناطق باسم الجيش الاسرائيلي، فيقوم بالترويج لمؤثراته النفسية والدعائية ضد العرب والمسلمين وكانه يهودي الدم والجنسية والولاء، ويصبح ملكي اكثر من الملك، وصهيوني اكثر غولدا مائير!، وثمة من يسارع الى اعلان تجمعات معارضة لا وجود لها الا في نفسه المهووسة بالشهرة والاثارة، ويتصرف وكانه يقف في محطة قطارات، منتظرا القطار الذي يحمله الى قصر الحكم في العراق، ايً كانت جنسية وملكية القطار.
“غواكة” السمك يساعدون الصيادين احيانا مقابل لقمة حلال، ويأخذون الحلال الطيب من السمك، ويعفّون عن محرمه، اما “غواكة” السياسة فهم لا يفرقون بين الحلال والحرام، بلا قواعد اخلاقية او انسانية، يعينون العدو على ابناء جلدتهم، ويهتكون استار العفة والحياء، ويسيئون لشعوبهم وعشائرهم، ينفخون في كل نار بحثا عن اثارة الفتن والاحقاد، وابغض شيء الى نفوسهم البغيضة نهاية الازمات، لأن نهاية الازمة يعني انهم سيعودون للتسكع بانتظار ازمة اخرى.