اعتادت الاحزاب التي تمسك بالسلطة على البحث عن كبش فداء كلما حدثت ازمة سياسية تعرض مصالحها الى الخطر في العراق. ويبدو ان هذه المرة سيكون وزير المالية علي علاوي كبش فداء كبير ستعلق جميع الازمات عليه ثم تعود المياه الى مجاريها، ولان الماسكين بالسلطة ليسوا رجال دولة ولا يفقهون في السياسة، سيقرأون هذه المجريات بطريقة خاطئة لانهم اعتادوا هذه الحياة السياسية، غير ان المعادلة اليوم قد تغيرت بعد الانتخابات وجاءت بوجوه جديدة وطردت بعض الوجوه القديمة التي يصر من تبقى منها على المشاركة في الحكومة بأي شكل من الاشكال.
إن ازمة سعر صرف الدولار وتدمير الدينار العراقي ليست ازمة عابرة كما يعتقد بعض السياسيين الدمج، لانها بنيوية ومعقدة وتكاد تكون جميع الكتل السياسية متورطة فيها، لذلك حاول السيد مقتدى الصدر من خلال تغريداته حول تصريف العملة وتهريبها قطع الطريق على الجميع لكي ينفرد بالسلطة الشيعية او على الاقل السيطرة على الكتلة الاكبر فيها.
نحن نعرف الان ان الحوار بين الاطار التنسيقي والتيار الصدري قد اصبح من الماضي، وهذه العقبة قد ازيلت من طريق التيار الصدري، لذلك فالسيد مقتدى الصدر يتصرف اليوم كما لو انه ضمن الحكومة ويمكنه ان يصدر قرارات خطيرة يمكن ان تلقي بخصومه في السجون بعد تراجع الدور الايراني في الملف العراقي.
الشيء الأكثر خطورة من ازمة صرف الدولار وتهريب العملة هو السلاح المنفلت الذي يتطلب اكثر من كبش فداء، وربما تكون من الاكباش الكبيرة التي تتمتع بالسلطة والمال والميليشيات، وقد تقود الى حرب شيعية- شيعية، فما حدث في العمارة (مركز محافظة ميسان)، خير دليل على ذلك. فمن يا ترى سيكون الكبش القادم من الكتل الشيعية تحديدا؟ وهل سيكون هناك دور لايران باختيار هذه الاكباش؟
من المتوقع التصعيد في المشهد القادم إذا استمر الجمود والتدافع السياسي، فقد تُقدم بعض الأطراف على خطوة غير محسوبة وعمل طائش من شأنه أن يشعل العراق من شماله الى جنوبه باغتيال بعض الشخصيات، في ظل إعلان الصدر عن تلقيه تهديدات هو وحلفاؤه، في إشارة الى التفجيرات التي تعرضت لها مكاتب بعض الكتل السنية واخرها تفجير مقر تجمع السيادة في هيت.
هذه الازمة ليست مثل سابقاتها وقد تطيح برؤوس كثيرة واكباش فداء كثر، وقد تنسف العملية السياسية برمتها، وبالتالي نعود الى المربع الاول وربما الى انتخابات مبكرة جديدة. الحل الوحيد قبل السقوط في الفوضى الشاملة هو تعديل الدستور او اعادة كتابته لازالة الكثير من الالغام والامراض منه. ولو كان هناك عقلاء في السلطة لتحركوا من الان لفعل ذلك قبل فوات الاوان.