صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

القنصل وعورات “الدولة”

أثير جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي منذ يوم أمس الخميس، بشأن ظهور القنصل العراقي في محافظة مشهد الايرانية ياسين شريف نصيف، في مقطع دعائي لمركز تجميل ايراني، متحدثا بلغة ركيكة تكشف عن عورات عدة في نظامنا السياسي ومنظومتنا الدبلوماسية الهشة:

١- خضوع أهم المناصب لتمثيل البلد في الخارج (وهي مناصب السفراء والقناصل) الى محاصصة الاحزاب والعوائل بعيدا عن الكفاءة والمهنية، ولازلت أتذكر كيف تم إرسال أول دفعة منهم لأول مرة منذ سقوط نظام صدام حسين، وكان بينهم مجموعة من الجهلة والأميين، ممن لا يملكون سوى مؤهل واحد وهو الولاء لهذا الحزب أو ذاك، دون النظر الى المواصفات الخاصة التي ينبغي أن يتمتع بها كل دبلوماسي، وتساعده على القيام بأدواره المطلوبة، كالكاريزما والثقافة واللباقة والمرونة والقدرة على الحديث، أما هذا الشخص الذي دفعت به صدف الاقدار الى الواجهة فهو لا يمتلك أيا من هذه المواصفات!!

٢- مراكز التجميل في ايران وتركيا وغيرها تلعب دورا رئيسا في امتصاص الاموال العراقية، وهي مسالة اقتصادية خطيرة، لاسيما أن معدل العراقيين السائحين علاجيا في ايران وحدها يقدر بـ٣٠٠ الف شخص سنويا، والغريب ان هذا قنصلنا الهمام يتحول الى أداة طيعة بأيدي تلك المراكز المشبوهة، التي تعمل على زعزعة ثقة المواطن بالمراكز والمستشفيات العراقية، من اجل غايات مالية واقتصادية يراد من خلالها تحويلنا الى ضحايا لها دائما.

٣- السفراء والقناصل في دول العالم يقومون بادوار سياسية واقتصادية لصالح بلدانهم ويتحولون الى رسل ومبعوثين حقيقيين للترويج لمؤسساتهم ومرافقهم الصحية والسياحية والعلمية والثقافية وليس العكس، وما قام به هذا القنصل ليس إساءة للعراق فحسب، وانما مثل إساءة لكل الاعراف الدبلوماسية في العالم.

4- ارتفاع معدل هذه الدعايات لمراكز التجميل في ايران وتركيا بعد مقتل صاحبات مراكز التجميل مثل المغدورتين رفيف الياسري ورشا الحسن وإغلاق مراكز تجميل اخرى في المحافظات، يعتبر مؤشرا خطيرا على استغلال هذه الحالات لصالح تلك المراكز، وكأنها تؤكد للمواطن العراقي ان بلده لا يصلح لشيء، والمشكلة ان قنصلا عراقيا يشترك في هذه العملية!!

الصمت على وزارة الخارجية واختياراتها البائسة بسبب المحاصصة أمر سيكلفنا الكثير، صحيح أن الوزير الجديد محمد علي الحكيم قام باستدعاء هذا القنصل على خلفية الفيديو، لكن لا حل الا في اعادة هيكلة حقيقية خالية من المحسوبية والمنسوبية، فكم من القناصل غير “نصيف” يملكون نفس الاستعداد للظهور بهذا المظهر المذل؟ وكم من الممارسات التي يمارسونها لصالح البلدان التي يقطنون فيها عكس ما نتوخاه من وجودهم هناك؟

أقرأ أيضا