في ذكرى سقوط بغداد، وبعد معركة عسيرة وأخذ وجذب بين رئاسة الجمهورية والقوى الشيعية العراقية خرج علينا الزرفي ليعلن انسحابه من سباق تشكيل الحكومة والاعتذار عن التكليف وما هي إلا سويعات قليلة ليعلن الدكتور برهم صالح عن تكليف مصطفى الكاظمي بحضور أغلبية القوى السياسية العراقية بينهم الأغلبية الشيعية المسيطرة على البلاد منذ 17 عاما دون اي تغيير يذكر.
الكاظمي الذي تم تخوينه سابقا من قبل “محور المقاومة” الممثل سياسيا بتحالف البناء وتوابعه، يتم اختياره ودعمه من قبلهم اليوم، لأن الأمر قد أتى من خارج الحدود، لكن هذا الدعم الذي يظهر قربه من ايران في العلن، تقابله حقيقة أخرى وهي أن الكاظمي أقرب لأمريكا والسعودية، خاصة أنه مرتبط بصداقة قوية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ما يوحي بأن التكليف ربما يكون لعبة متقنة من قبل الكاظمي وداعميه من أجل الحصول على منصب رئيس الوزراء، فعلى الرغم من كونه مرشحا قديما لرئاسة الوزراء، إلا أنه انتظر اللحظة الحقيقية لطرح نفسه، فسوّق نفسه عبر عدة عوامل أهمها القبول الإيراني له، وهذا ما رجح كفته على كفة سلفه الزرفي، كون الأخير عمل على إبراز توجهه الأمريكي الكامل في بداية التكليف.
الكاظمي آخر الصاعدين على كرسي رئاسة الوزراء العراقية وأصغرهم سنا منذ 2003 والأهم من هذا أنه سيمر، ولكن أي رئيس للوزراء يأتي بطريقة التوافق سيلاقي صعوبات وتحديات كبيرة في إثبات نفسه والنجاح، فحتى تجربة العبادي التي يعتبرها كثيرون الأفضل بعد 2003 كانت أمام مطبات وعقبات أدت الى استبعاده من المنصب لاحقا، لذا فان الكاظمي سيعاني منذ اليوم الأول لحكومته وفقا للتحديات التي سيواجهها من قبل الكتل السياسية، ما يجعل الحكومة العراقية القادمة عرضة للسقوط أو الفشل في أي لحظة.
بعد التصويت على حكومته، ربما سيكون فيروس كورونا اهم تحدٍ يواجه الكاظمي، ولكن السيطرة على الفيروس أو انهائه بشكل كامل كما هو متوقع خصوصا مع اقتراب فصل الصيف، إلا أنه سيواجه بعودة المحتجين الى ساحات التظاهرات، ما يشكل ضغطا أكبر عليه وبالتالي العودة إلى المماطلة في الاستجابة للمطالب المشروعة التي رفعها المحتجون، لاسيما ممن رفعوا شعار رفض الكاظمي منذ أشهر، كل هذا سيعتمد على أسلوبه في التعامل مع تلك التحديات، وقدرته على امتصاص غضبهم، انطلاقا من خبرته كـ”صحفي”!