المستفيدون من تأجيل الانتخابات
يبدو أن ملامح القوى السياسية، بدأت تظهر أكثر وضوحاً، وبانت مواقفها أكثر نضوجاً للإفصاح حول موقفها من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وظهر للعلن تبريرات التأجيل من أطراف معينة، فيما سعت أطراف أخرى بوضع العراقيل والمعوقات، لتكون من الأطراف المطالبة بالتأجيل بشكل غير مباشر، ومن الطبيعي إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، وهذا ما اشارت اليه الحكومة وأكدته معظم القوى السياسية، ولكن الواقع ليس كذلك لأسباب متعددة.
لا أحد من القوى السياسية أعلن بشكل صريح بأنه يسعى للتأجيل، ولا أحد من المواطنين راغب بذلك إلاّ من اولئك الّذين يعتاشون على فاسدين.
إجراء الانتخابات في موعدها، موضوع جدل بين القوى السياسية، ورغم اعترافها بالاعتراض الشعبي على التأجيل، ومع المقدمات آنفاً، ظهرت قوى معترضة علناً، كاتحاد القوى بذريعة النازحين وعدم استقرار مناطقهم، وانضم لهم الكورد بذريعة الاضطرابات الداخلية والمشاكل مع المركز، وقوى من التحالف الوطني بين إقرار بما يقوله الكورد واتحاد القوى، أو تبرير عدم وجود قانون انتخابي وموازنة لمفوضية الانتخابات، ولكن كل الاسباب غير مجدية مع إصرار الحكومة على إجرائها في وقت وتخصيص موازنة للمفوضية؛ إن لم تُقر الموازنة العامة، والمضي بنفس القانون السابق.
كل القوى السياسية على قناعة بمفصلية الانتخابات القادمة ومن اعتبارات أهمها؛ أن الديموقراطية اكتملت مرحلة التأسيس ووصلت الى التثبيت، ولدى الشارع العراقي اعتراضات على أداء قوى سياسية وبشخوص بذاتهم، سيما من الشباب وبروز قوى شبابية للمشهد السياسي، مقابل تهالك وجوه سأمها الشارع العراقي، واعتقاد طبيعي بنسب عالية من تصويت الشباب، كونهم يشكلون 60% من المجتمع العراقي، مع دخول اربعة مواليد لم تُشارك سابقاً، وهؤلاء 80% منهم سجل بطاقته الإنتخابية.
إن القوى المعترضة على إجراء الانتخابات في وقتها، اجتمعت على خلق الذرائع لعرقلة العملية الديموقراطية وعدم إحترام المواقيت الدستورية، وسعت مجتمعة ونتاج فعلها شرخ للعمل الديموقراطي او تخريب العملية السياسية، كون تلك القوى شعرت أنها لا تستطيع تحقيق ما عليه هي الآن من مكاسب سياسية وسلطات تنفيذية وتشريعية، ومعظمها تعتقد بفقدانها جمهورها، وتسعى للتأخير؛ علها تجد أزمة أو حديث وصراع طائفي كي تعيد ترتيب اوراقها.
الاعتراض على إقامة الانتخابات في موعدها، ينم عن طمع بالسلطة وإدامة للفساد أطول فترة، بالاستحواذ على المناصب، والبحث عن سبل للعودة.
الاهتمام بالاستحواذ على السلطة جعل بعض القوى تفكر جدياً بتأجيل الانتخابات، لاسيما تلك التي لا ترغب باستقرار العملية السياسية او التي حصلت على مقاعد أكثر في اخر انتخابات؛ كونها تخشى خسارتها، وخسارة ما يترتب عليها من مناصب تنفيذية، مع توقعاتها بأن البوصلة الشعبية سائرة باتجاه نبذ معظم الوجوه الموجودة في الساحة السياسية، التي استأثرت بالسلطة، وجعلتها إقطاعيات عائلية، وكلها متورطة بالفساد، لذا كانت تهدف لعرقلة الانتخابات، سواء بعدم اقرار الموازنة او افتعال ازمات جديدة، لذا على الحكومة إجراء الانتخابات في وقتها كخطوة أولى في محاربة الفساد.