لا يخفى على الجميع كيف أصبح سكان العالم مشدودين نحو تعليمات وإرشادات منظمة الصحة العالمية WHO واليونسيف UNICIF وبعض المنظمات الدولية والأممية التي تختص بالشؤون الطبية والصحية،نظراً لما تمتلكه تلك المنظمات من خبرة ومعرفة في مجال التعامل مع الأوبئة والأمراض المعدية، وتأتي على رأس تلك المنظمات منظمة الصحة العالمية WHO، هذه المنظمة التي أصبحت حلقة الوصل بين المؤسسات الصحية الحكومية في معظم دول العالم والمواطن من جهة وبين الفايروس نفسه من جهة اخرى، الوسيط الدولي أصبح يؤثر كثيراً في الوزارات الصحية لمختلف دول العالم الفقيرة والمتخلفة، في حين إن أمريكا وإيطاليا وإنكلترا وغيرها من الدول المتطورة لا تعيير أهمية كبرى لما يصدر عن هذه المنظمة لإن نظامهم الصحي أكثر تطوراً من المنظمة نفسها، بل هم من أسس تلك المنظمة ووضع أهدافها التكتيكية والستراتيجية العلنية والمخفية.
دول مثل العراق ولبنان وايران وكثير من الدول المشابهة لظروفهما واقعة تحت تأثير النصائح والإرشادات والتعليمات التي تصدر عن هذه المنظمة وغيرها من المنظمات الدولية، مما جعلها غير قادرة على السير بطريق مستقل يوصلها الى إستنتاجات ونتائج مقبولة في مجابهة خطرCOVID-19، وأصبحت مجبرة لإطاعة وإتباع ما يصدر عن تلك المنظمات لضعف انظمتها الصحية.
من خلال تتبع بسيط لسلوك بعض المنظمات الدولية ومنظمات الامم المتحدة،نجد أن هناك إختلاف واضح بين ما يصدر عن اليونسيف وبين ما يصدر عن الصحة العالمية، اليونسيف المنظمة الأممية التي تنشر تقاريرها المتواصلة تحاول أن تخفف وتعطي أملاً وتبدد القلق المتزايد، بينما نجد الصحة العالمية المنظمة الدولية تتعامل مع الجائحةوترفض كل الإستنتاجات التي ظهرت في بداية الأزمة وأهمها من إن المرض موسمي وإن درجات الحرارة العالية تقضي عليه مع الوقت، وممكن الإفتراض إنها تتعامل على أساس تبني السيناريو الاسوء.
في الوقت نفسه تصدر اليونسيف وبعض المؤسسات الدولية والمحلية مواقف وبيانات تميل الى إن الفايروس ممكن أن يموت أو يقل تأثيره في درجات الحرارة العالية، هذا الكلام يعني أن معظم دول الشرق الاوسط ستكون خارج دائرة فايروس كورونا في القريب العاجل مع إقتراب الصيف، ويبقى تأثير المرض منحصراً على دول اوربا وامريكا وكندا وبعض الدول ذات المناخ البارد .
قبل أن أُجيب على الشكوك التي افترضتها أعلاه ينبغي أن أعرض رأي اليونسيف الصادر يوم 3 مارس الذي يؤيد فكرة إن المرض يموت في المناطق التي ترتفع فيها درجات الحرارة عن 26 درجة مئوية، وبين موقف الصحة العالمية الصادر قبل أيام الذي يفترض أن الفايروس يعيش في كل الأجواء ولا يموت في الأجواء الحارة، وهذا الإفتراض قد يكون صحيح لكنها لم تقل الحقيقة كاملةلإسباب تفرضها تبعية المنظمة وإنحيازها للحكومات الدولية المسيطرة عليها .
وقد يسأل البعض لماذا تحاول منظمة الصحة العالمية عدم إعتماد فرضية موت أو ضعف تأثير الفايروس في المناطق الحارة، الإجابة معروفة للدول الصناعية الكبرى وهو أن المناطق الحارة في العالم هي الاسواق الكبرى لمنتجاتهم وإذا ما إنتهى خطر الفايروس في هذه الدول وأستمرَ في المناطق الباردة فإنهم سيتلقون خسائر مضاعفة وستتكبد اقتصادياتهم الكثير من الخسائر خلال فترة انتشار الفايروس وحتى بعد فترة القضاء على الفايروس.
لا يمكن الجزم أن هناك من صنع الفايروس في مختبرات سرية، لكن يمكن الإفتراض إن الدول العظمى تتعامل مع مبدأ الإستفادة من الحروب والازمات والكوارث الطبيعية وحتى الاوبئة، فهي تبحث عن إستخلاص الفوائد المادية والمعنوية من أيةِ أزمة لصالحها، حتى وإن كانت جائحة عالمية بمستوى فايروس كورونا.
الفوائد التي تبحث عنها تلك الدول هي، أولاً فائدة مادية تستحصل عليها من خلال تصريف منتجاتها التي تشمل اللقاحات والأدوية التي ستحتاجها هذه الدول لمواجهة أمراض الكورونا، بالإضافة إلى إستمرار تصدير السلع والبضائع الأخرى الى تلك الاسواق، وهذايمكن ملاحظته من خلال الهلع الكبير والفوبيا التي بدت ظاهرة على سكان دول العالم وهم يتدافعون على المولات والمراكز التجارية لشراء ما يمكن شراءه من معقمات ومنظفات وكمامات وغيرها مما يحتاج مواجهة المرض، وخصوصاً في الدول الغنية المستهلكة الغير منتجة، وهي بالطبع دول الخليج والعراق ودول شمال افريقيا والشرق الاوسط.
الفائدة الثانية، هي أن تلك الدول سواء كانت أمريكا أو الصين أو بعض الدول الاوربية المتطورة، لم تعد قادرة على تحمل حقيقة إنها والدول المستهلكة المارقة تتساوى في المأكل والملبس وفي إستخدام الكومبيوتر والطائرة وبقية مفردات التطور الذي يصنعونه هم ويستخدمه أُمراء الخليج وإرهابي الفصائل المتطرفة ، فانها تبحث من خلال إدخال الرعب في نفوس سكان العالم، لتوصل رسالة من أن هناك حكومات دولية قادرة أن تعمل وتفعل ما تشاء.
وإذا ما افترضنا إن الفايرس كان قد تطورتطوراً طبيعياً، لا دخل للمؤامرة الدولية به، فهذه الدول ستحاول بكل الاحوال إيهام الناس من خلال إعلامها الموجه الذكي من إنها هي من تقف وراءه، وهذا ما تنفث به الماكنة الاعلامية العالمية، ومن ثم إنها فقط القادرة على وضع نهاية للجائحة العالمية من خلال إكتشاف اللقاح أو الدواء القادر على وضع حد الى COVID-19، وكلنااليوم نشاهد ونسمع الرئيس ترامب ونائبه بنس يظهران على الإعلام أكثر من غيرهم للتبشير بإيجاد اللقاح للفايروس.
أعود وأقول للأسف إن بعض تلك المنظمات الدولية التي لها باع طويل في مساعدة سكان العالم أصبحت مسيسة وموجهة نحو ما يريده الفاعل الاكبر عالمياً، يبقى السؤال الأهم،هل ينفع العالم المتطور أن ينتهي المرض عندنا ويبقى عندهم؟ بالتأكيد لا، وهم يعملون جاهدين بكل الوسائل لإطالة أمد الفايروس في دول الشرق الاوسط ولو إعلامياً.