شعار (ماكو وطن.. ماكو دوام)، الذي أطلقه الطلبة منذ بداية انتفاضة تشرين، قد يحمل لأول وهلة بين طياته مضامين ثورية جذابة.. دعونا اليوم بعد مرور ٧٥ يوما نراجع حسابات الربح والخسارة بدقة وموضوعية عالية وننتبه الى الحقائق التالية:
1- معظم هذه الطبقة السياسية الموغلة بالفساد وسرقة ونهب اموال الشعب العراقي إما من مزدوجي الجنسية او ممن أثرى بعد ٢٠٠٣ وحول امواله من السحت الحرام الى الخارج، وبالتالي معظم أبنائهم يدرسون ويتعلمون حاليا بأرقى الجامعات الاجنبية بأموال الشعب المسروقة خارج العراق، وبالتالي هم غير مبالين أصلا بان يكون هناك دوام في المدارس والجامعات او لا يكون..
2- من دواعي سرور هذه الطبقة السياسية التي تعمدت منذ ١٦ سنة في إهمال وتدمير ركائز قطاع التعليم وبنيته التحتية، أن تتفشى مزيد من الأمية، وأن تبقى صفوف المدارس وقاعات الجامعات خاوية فهم لا يعتاشون إلا على الأميين..
3- في تجارب الثورات الناجحة لشعوب سابقة كانوا يتعلمون ويدرسون بيد، وأحيانا في صفوف يحفروها تحت الارض كما في تجربة فيتنام، ويناضلون ويطالبون بحقوقهم في اليد الاخرى.
4- ما ميز وفاجأ العالم في تظاهرات تشرين هو شدة الوعي والسلوك الحضاري للشباب، والوعي مفهوم مرادف للتعليم والثقافة ويجب ان لا يكون هناك تناقض بين الشعارات والسلوك على الارض لذا الحرص واجب في الحفاظ على هيبة العلم والتعليم ومؤسساته..
5- إن ما يقارب نسبة ٦٠٪ على الاقل ممن هم خارج قاعات الدراسة ليسوا مرابطين فعليا مع شباب الانتفاضة الحقيقيين في ساحات التحرير، الكثير منهم إما باقين في بيوتهم او في الكازينوهات او يعملون..
6- في حال بقاء الوضع على ما هو عليه وألغي الاعتراف بالسنة الدراسية (٢٠١٩ / ٢٠٢٠) لاسمح الله وطبقا لأنظمة ومعايير منظمة اليونسكو UNESCO، أين برأيكم، وفي اي من دول الجوار العربية قبل الاسلامية وحتى داخل العراق، ستقام الاحتفالات، شماتة وحقدا وانتقاما من شعب العراق وثاراتهم القديمة والحديثة معه.
7- الصراع في انتفاضة تشرين قد يطول بين الشعب الذي يمثله الشباب وبين طبقة سياسية لا تريد ان تسلم مكاسبها وغنائمها من (السلطة والثروة والسلاح) بتلك السهولة التي يتوقعها البعض، لذا لابد من إعادة حسابات والمناورة من جديد فيما يخص الدراسة والتعليم..
ما العمل إذن؟ وما الحل؟
إنني فقط أرمي حجر في الماء كي نتحاور ونفكر بصوت عالي ونصل الى نتائج موضوعية تخص مستقبل الانتفاضة ومصلحة الشعب العراقي ومستقبله التي لها الأولوية الاولى، بعيدا عن التسطيح والاحكام العاطفية:
– (القلوب قبل العقول) هذا شعار مهم جدا وحاسم في المطاولة، رصيد انتفاضة تشرين وزخمها الحقيقي يكمن في استمرار وديمومة تعاطف الشعب معها ويجب الحذر كل الحذر من احتمالية تناقض هذا التعاطف تدريجيا لاسيما لدى اباء وامهات واولياء أمور الطلبة عندما يبداون يشعرون مع طول مدة الصراع وهذا ما تراهن عليه المنظومة السياسية بان مستقبل ابناءهم نتيجة فقدانهم سنة دراسية بات مهددا “وفي مهب الريح.
– بإمكان الطلبة المشاركة وبقوة وفعالية على امتداد يوم الجمعة والسبت وبقية الأيام بعد الانتهاء من الدوام.
– لكسب تعاطف الناس واستمرار دعمهم وتأكيدا لحضارية وسلمية الانتفاضة وعلى نفس منوال إنجازات الشباب في إعادة تأهيل نفق ساحة التحرير بالإمكان القيام بحملة خلاقة للتوزع على شكل فرق واعادة اعمار البنى التحتية للمدارس العراق التي استنزفها الإهمال وأصبح حالها بسبب فساد وفشل وعجز الحكومات المتعاقبة في حالة يرثى لها.
كم أتمنى ان يكون شعارنا (اكو رحلة لطالب علم.. حتما سيكون هناك وطن)!!
_____________________________________________________
الرحلة: هي مصطلح دارج يعني مقعد الدراسة