صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

انتفاضة تشرين.. وسقوط الأيديولوجيات في العراق

إذا سلمنا إن محصلة وغاية أي فكر سياسي، هي وضع تصورات ورؤى عميقة لمستقبل إنساني أفضل للواقع الذي تنشأ فيه هذه الأفكار وبما يغري أجيال قادمة لتبني هذه الفلسفة السياسية أو تلك، لمساعدتها في النهوض وتغيير واقعها الفاسد نحو الأفضل، ولكن عندما تتحول هذه الأفكار بمرور الزمن الى قوالب جامدة متخلفة عن مواكبة سرعة متغيرات العصر الثقافية والعلمية والانسانية، بل إنها تتحول أحيانا الى قيد يكبل مجرد التفكير في النظر الى المستقبل بصورة جديدة، ناهيك عن تراكم هذا الواقع الفاسد نتيجة تجارب تطبيق هذه الأفكار والآيديولوجيات التقليدية المتعاقبة على حكم العراق والتي جعلت منه حقل للتجارب الفاشلة والمدمرة والكارثية أحيانا.

عندما تقف هذه المدارس الآيديولوجية مشلولة بل مشدوهة أمام هذا الزخم الشبابي المتقدم الذي فاجيء الجميع، والذي من الواضح إنه ليس منقطعا عنها بل لا يعرفها، هذه الفجوة والهوة العميقة بين تطلعات وأفكار هذا الجيل وبين هذه المدارس وأفكارها البالية التي رفعت إنتفاضة تشرين عنها ورقة التوت ، تكاد تنبيء بما لايقبل الشك بأن هذه المدارس في طور التلاشي ولو بنسب متفاوتة وإنها قد باتت أو تكاد تكون من الادب والتاريخ السياسي .

إن معظم هذه الآيديولوجيات في العراق (الماركسية، والقومية، والإسلام السياسي بعد إنتفاضة تشرين) لم تعد صالحة فكريا أو قادرة عمليا بوضعها الذي إستقرت عليه، على إنجاز مقومات دولة مدنية حديثة وفق مقاسات الحاضر والمستقبل ، أو لديها القابلية على إقناع او الإيفاء بمتطلبات الأجيال الصاعدة ، التي لم ترث من الأجيال السابقة وآيديولوجياتها المندثرة سوى الحروب والدمار والفساد والعسكرة والبطالة وتصنيع الأصنام وإنعدام الأمل.

هذه الآيديولوجيات ومنذ ما يقارب القرن، بلا شك ليست مقدسة أو منزلة من السماء، وآن الأوان لإشتقاق معادلة عراقية وطنية خالصة لمستقبل العراق تترجم إيقونة إنتفاضة الشباب (نريد وطن) وتستحق تضحياتهم الجسيمة ، بعيدا عن الأفكار والآيديولوجيات المستوردة التي فرضت على شعب العراق وأجياله إما بالإنقلابات أو بالإحتلالات.

رئيس مركز دجلة للتخطيط الاستراتيجي

أقرأ أيضا