صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بذاءات الشيخ المشبوه سعد المدرس بحق عمر الفاروق

العقل الطائفي العنصري مريض، وإذا قدر له أن يُشفى من مرضه فسوف يتمارض، إنه كالنار إن لم تجد ما تأكله ستأكل نفسها! ذلك لأن العقل الطائفي غير عقلاني أساسا لأنه يقوم على الأوهام والخرفات والمقولات المنتزعة من سياقاتها الحقيقية وهو في سعيه لبناء مصدات ضد الهجوم الطائفي أو العنصري المضاد، أو إطلاق هجوم معنوي أو مادي على خصمه يصدق نفسه بفعل تكرار تلك الأوهام والخرافات والمقولات المسلوخة من سياقها، وأيضا بسبب تأييد الجهلة والموتورين في خندقه لما يقول. هذا الكلام ينطبق على كل محرض طائفي أو عنصري بغض النظر عن اسم طائفته الدينية أو عنصره.

*في الأسبوع الماضي كنا شهودا على حادثتي استفزاز طائفي في العراق : الأولى حين غيَّر المتحدث باسم الوفد السعودي إلى مؤتمر الحلبوسي البرلماني التلفزيوني اسم رئيس الوزراء العراقي من عبد المهدي إلى عبد الهادي لأن مذهبه الوهابي يحرم التسمي بهذا الاسم، فأرد الشيخ المتحدث والذي لم ينتخبه أحد أن يفرض قناعته على المسمى بهذا الاسم وما يرمز إليها من طائفة اعتادت التسمي بأسماء كهذه بمرور القرون فخرجت تلك الأسماء من دائرة الفقه الديني لتحل في إطار العادات والعرف والتقاليد المتوارثة رغم أنها تثير التحفظ لدى بعض الشيعية أنفسهم. وقد أثارت هذه الحادثة ردود أفعال صاخبة من قبل رسميين وبرلمانيين وناشطين على مواقع التواصل من المسلمين الشيعة. والحادثة الثانية هي الإساءة البذيئة والجارحة لكل إنسان سوي التي وجهها شيخ شيعي على منبر ديني وأمام جمهور من طائفته لرمز من رموز الإسلام عموما والإسلام السني خصوصا هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مدمر الإمبراطوريتين الظالمتين البيزنطية والفارسية متهما إياه بالأبنة مستندا على نص زعم وجوده في كتب التراث. وقبل هاتين الحادثين هناك العشرات إن لم تكن المئات من أمثالهما لعل من أشهرها الكلام أو نشر الكتيبات عن زواج المتعة أو “تفخيذ الرضيعة” لدى الشيعة وهؤلاء أيضا احتجوا بنصوص تراثية أو كتب فقه معاصرة للخميني وغيره.

إن مجرد السقوط في كمين هذه المرموزات الاستفزازية الطائفية ومناقشة صحتها من عدمها دينيا أو تاريخيا وتحويلها الى مواضيع رأي عام يعتبر نصرا لعناصر التحريض الطائفي والتكفيري، ولكن الرفض والاستنكار لها ضروري ومهم فهو أول خطوة صحيحة باتجاه تجريمها وتحريمها .

*اللافت أن إساءة شيخ السوء المدرس للخليفة عمر بن الخطاب لم تثر أية ردود فعل رسمية شاجبة ورافضة لدى الرسميين “الشيعة” كما أثارت الحادثة الأولى وهذا مفهوم بسبب واقع هيمنة أحزاب الطائفة الأكبر على حكم طائفي مكوناتي فاسد وتابع للأجنبي. ولكنها أثارت ردود فعل شاجبة وبحدة من قبل يساريين وديموقراطيين وحتى إسلاميين عراقيين غالبيتهم من الشيعة، إنما نسجل بأسف أن الحادثة الأولى ومثيلاتها ضد المسلمين الشيعة نادرا ما تثير ردود أفعال شاجبة من قبل المدونين والناشطين والساسة من العرب السنة وهذا أمر مؤسف فعلا ونأمل أن يتم تفاديه.

*إن العقل الطائفي المأخوذ بأوهامه وخرافاته وأحقاده المتحولة في حركته إلى حقائق رغم أنف الحقيقة يقفز على الكثير من الأمور بطريقة غبية. فالشيخ المدرس مثلا في اتهامه لعمر الفاروق مثلا يقفز على حقيقة أن علي بن أبي طالب الذي يقدسه المحدث ويدافع عنه كان باعتراف التراث الشيعي بمثابة المستشار الأقرب للخليفة عمر بن الخطاب أو باللغة السياسية المعاصرة كان الإمام علي الرجل الثاني في النواة القائدة لدولة الإسلام وعاصمتها المدينة والوحيد بين إخوانه الصحابة الذي انفرد بصفة ” الإمام”، ولكن المحرض الطائفي الشيعي الذي يكرر في لحظاته المفاخرة القول المنسوب الى الخليفة الفاروق والقائل ( لولا علي لهلك عمر) ، لا يريد ولا يستطيع أن يجيب على سؤال بديهي يقول:

* على افتراض صحة هذه التهمة البشعة والفرية القذرة فكيف يرتضي الأمام علي أن يكون بهذا القرب من عمر بل ويزوجه ابنته أم كلثوم بنت علي ويطلق اسمه على ابنه الذي ولد في خلافة عمر وهو عمر بن علي بن أبي طالب وأمه هي أم حبيب بنت ربيعة؟ وكيف يرتضي المسلمون لأنفسهم أن يكون خليفتهم بهذه الصفة السلبية في مجتمع قيمي قوي الانشداد إلى الأخلاقيات والقيم المعروفة وروح الفروسية السائدة آنذاك؟

*ومثله يقفز منافسه المحرض الطائفي السني على حقائق مماثلة منها حقيقة أن أكثر من 95% من ملايين الشيعة لا يعرفون شيئا ولم يسمعوا ربما من قبل بموضوع “تفخيذ الرضيعة” وأن السطر الذي وجده هذا المحرض المشبوه في مخطوطة فقهية لأحد رجال الدين لا يمثل إلا كاتبه وفي سياقه الفقهي الخالص!

*إن دوم الاستقطاب الطائفي شرط من شروط بقاء نظام المحاصصة الطائفية الذي جاء به الاحتلال الأميركي الذي لا يريد ساسة الطوائف له أن يزول ويسحب قواته المتبقية من البلاد، وهو السبب الأهم في استمرار وتفاقم ظاهرة التكفير الديني لدى المتطرفين في الخندقين السني والشيعي بعد أن تحول المجتمع إلى خنادق متقاتلة ومتعادية بعد قرون طويلة من التعايش السلمي. بمعنى أن المفخخات التي يفجرها التكفيريون والمجازر التي يرتكبها أعداؤهم من الجهة المقابلة لا يتحمل وزرها ومسؤوليتها المجرمون المنفذون المباشرون فقط بل يتحملها أيضا المحرضون الطائفيون من أمثال الحبيب والمدرس والدليمي طه والعريفي.

*إن تجريم التشهير الطائفي والديني والطائفية السياسية التي تغذيه هو الخطوة الصحيحة الأولى التي ينبغي على النظام الوطني الديموقراطي القادم في العراق أما النظام القائم اليوم فلا ينتظر منه أن يفعل ذلك لأنه سينتحر سياسيا ويسقط من تلقاء ذاته إذا فعلها! والحل و #لاحل_إلابحلها هو في زوال هذا النظام وإعادة كتابة الدستور العراقي المكوناتي وقيام دولة المواطنة والمساواة وعدا ذلك فسيستمر المحرضون الطائفيون في جمع الحطب والكبريت استعدادا لجولة قادمة من الاقتتال الأهلي الذي يذهب ضحية له العراقيون من جميع الطوائف والقوميات.

*سلام على عمر الفاروق!

*سلام على صاحبه وأخيه علي إمام المتقين!

*تعسا وبؤسا للمحرضين الطائفيين من مشعلي الحرائق من أي طائفة أو مستنقع أسود جاؤوا!

أقرأ أيضا