صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بَلدان بتذكرة واحدة!

قديما، كانت بعض من صالات السينما المتواضعة تقدم مقترحا طريفا لمرتاديها بعنوان “فيلمان ببطاقة واحدة”. أظن أن ذلك كان لأسباب التسويق والتشويق.

 

أنا لا أقصد الامارات والبحرين، بل العراق وسوريا حصرا. ولبنان ليس ببعيد؛ “شمرة فلُوتْ!”، فحزب البعث العربي الاشتراكي، بفرعيه الاموي والعباسي، و(بدهاء) معاوية و(اقتدار) المتوكل، سَلّم مصائر البلدين لدولة ولاية الفقيه (ايران) وللدولة العليّة (تركيا)، كأسلاب للحرب الباردة، وبرعاية القطبين الامپرياليين. قديما، في الخطاب الصيني- الماوي كان الاتحاد السوفيتي يدعى بالامپريالية، ايضا.

كيف يحدث ان تمرض البلدان، ويسكنها الهزال وتنثلم وتُسحل كأشلاء وتجهز للابتلاع بكل هذه السهولة؛ وتصبح جاهزة للفرجة.. سينما!؟

يحدث عندما تنعدم شروط قيام حياة سياسية طبيعية. ويحدث عندما تنفرد جماعة ما، أغلبية كانت أو اقلية، بفرض صوتها وصورتها على العموم؛ وعندما توقن بجدوى عقيدتها- في لهجة أمية، كلمة (عقيدة) تعني: مزيل الشعر؛ وبلهجة بني العباس: دواء حمام- وترغب بسيادة عُقدها.

ويحدث عندما يسود العنف بإصوله وجذوره المحلية، الذي ينزح من أعمق آباره الاجتماعية والسلوكية والدينية المريضة، بمعاني التحريم والالغاء والإفراد.

ويحدث عندما يتسنم امر البلاد طواقم من الجهلة وسائقي الموتر سيكلات، وسقط متاع الثكنات، و”هتلية” الاوكار السرية، وعتاة الشوارع الخلفية والزقاقيين[راجع مقابلات وأوراق هاني الفكيكي وطالب شبيب وطارق عزيز وحازم جواد وعبدالحليم خدام ورغد صدام..].

أقطار مثل العراق وسوريا ولبنان، كانت من عيون قلادة الجماعة البشرية المقيمة هنا..، فاذا بها حواري ومحلات وازقة ودرابين في عين العصف البدائي لكل من هب ودب ممن يزعمون الولاء لهذه الفكرة الميتة او لتلك العقيدة الصالحة للفناء او لتلك المخلوقات الفريدة بدناءتها ودرِبتها على النهم والسحت والاحتيال.

انمحقت  تلك البلدان بيُسر تام، لأن من حكموها لا يمتون بصلة لأيامها ولا لآمالها ولا لمعانيها؛ انهم قطاع طرق الذاكرة، وناكروا جميل الوطن، وخدم الخراب.

العراق وسوريا، فيلمان ببطاقة واحدة: بوشار (شامية) وطوائف ومرطبات ومكونات وسندويشات وعشائر وجماعات مسلحة واحزاب واثنيات وطوائف ومستشارون وفسنجون وكاتيوشا وتِسئِية ومعارضة وموالات وكِبة نية وانفجارات واغتيالات ولجان تحقيق..، كل شيء أسفل او أعلى كدس اسلحة او حاويات امونيا او كلور؛ والنتيجة خمسة بلدان وربما أكثر، بتذكرة واحدة. حتى الان العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن..، والقادم أحقر.

أقرأ أيضا