صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بين رئيس الأمس للعراق ورئيس اليوم لكردستان:

كان رئيس النظام العراقي قبل عام 2003، لا يُبالي بالشعب ويتخذ قراراته، من دون مشاورة شعبه ولا المجلس الوطني (البرلمان) ولا علم لقياداته الأمنية ولا قيادة الحزب والثورة، ولا يعلم بمراميه إلا الله ومن له خصاصة، فيجد الشعب جيشه الباسل قد عبر الحدود الإيرانية في ساعة غفلة، وبين ليلة وضُحاها يتلقى الجيش أوامره بغزو الكويت، “إو صبح علينا الصبح وإحنه نسمع خبر ضم الكويت (المحافظة التاسع عشر)!!، فلا خبر جاء ولا علم حصل.

وما أن تدخلت بحرب طاحنة “عاصفة الصحراء” كما سمتها قوات التحالف بقيادة أمريكا، أو “أم المعارك” كما سماها صدام وزبانيته، والتي حصدت أرواح أكثر جنودنا في حرب لا ناقة لها بها ولا جمل، حتى كان ما كان مما نحن نعلمه من دمار لا مبرر له سوى رغبة أرعن ب “الكونة” وبلصق كل صفات البطل الموهومة بشخصه، وأهمها “بطل الأمة” و “القائد الضرورة” و “البطل القومي”، والجميع يُصفق خوفاً وخشية أو تملقاً، ولأجل كل هذا وصل حالنا إلى مانحن فيه الآن.

يبدو ليّ أن رئيس كردستان العراق، يُريد أن يُعيد السيناريو نفسه، في تحد لإرادة ووحدة وطن، جُله غير راغب بتسرعه، مُتحدياً بذلك الإرادة الوطنية للشعب العراقي، وللإرادة الإقليمية للدول المُحيطة بكردستان العراق الرافضة لوجود دولة كوردية التي – ربما – في المستقبل ستُشكل تهديداً للأمن القومي لبلادهم، وبتحد فج للإرادة الدولية التي أعلنت رفضها بوضوح على الأقل لتوقيت الإستفتاء، وكل عناده هذا لا يبدو ليّ كما هو واضح من أجل بناء دولة كوردستان الحُلم، ولكن من أجل الحفاظ على موقعه كرئيس بعد أن إنتهت ولايته دستورياً، ون أجل أن يُقال عنه أنه “بطل الأمة” الكوردية، و “القائد الضرورة” الذي فرضته الحتمية التاريخية لبناء مجد الأكراد، ولكنّي أرى أنه يروم بناء مجده الشخصي على حساب تطلعات الشعب الكوردي، وأخشى ما أخشاه أن يحصل لشعب كوردستان كما حصل للعراق كله من دمار وخراب بسبب روعنة “القائد الفذ”!!.

وأتمنى ألّا يُفهم من قولي هذا هو عدم قناعتي بحق شعب كوردستان بتقرير مصيره، بل أتمنى أن يحصل شعب كوردستان على كل حقوقه بما فيها “حق تقرير المصير”، ولكن لا على حساب أكل حقوق الغير والتمدد على أراض هي لا زالت “مُتنازع عليها”، ولم تُحل مُشكلتها بين الإقليم والمركز، ولا أن يكون حل بناء الدولة الكوردستانية بليّ الأذرُع وفرض سياسة الأمر الواقع.

لذلك كان ينبغي على الأحزاب الكوردية الأخرى ومؤسسات التي هي شريكة في الحياة السياسية، ولكنها غير منضوية تحت لواء الحزب الحاكم أن يتأنوا في تأييده، تجنباً للعواقب الوخيمة التي ربما ستؤدي إلى خراب الوضع الاقتصادي والسياسي في كوردستان بسبب غياب الحنكة السياسية لدى “القائد الضرورة” المؤيد بالله!! وبعض مُُتملقيه وزبانيته الذين يرومن صناعة مجدهم كحال زبانية صدام ولو كان الثمن إراقة دم شعبهم أو خراب إقليم مُستقر، لا زال يصنع أولى أولى خطواته نحو المدنية والعمران.

ولا تفهموا من قوليّ هذا تأييداً لساسة العراق اليوم من الفاشلين الذين يرومون من صراخهم ضد الإستفتاء إرضاء سادتهم من الإيرانيين والأتراك، أو اللعب بورقة الإستفتاء لرفع رصيدهم في صناديق الإنتخاب الذي بات قريباً على الأبواب، فجُلهم سبب الفساد وتأليب وتفريق للعباد، ولا نرتجي منهم إصلاح لخراب.

أقرأ أيضا