من عجائب وطرائف ما يجري في هذه الأيام هو هذا الاصطفاف والانحياز لجملة من المحللين والأكاديميين والمعلقين والخبراء العراقيين لهذا الطرف أو ذاك في يوميات الصراع بين الاطار والتيار. وهذه طريقة مميزة ومجربة لتغذية وإدامة أوجاع ومحن اهل العراق ممن ذاقوا الأمرّين على يد الجميع، من (أهل السيف).
وها هم (أهل القلم) يباشرون دورهم أيضا، عندما يتنصلون وينقلبون (بكل اعتزاز) عما يتباهون به (صوتاً) في تعريف الإعلام والصحافة عموماً كسلطة رابعة ، تناهز التشريع والقضاء والتنفيذ..بل تتفوق على السلطات الثلاث. وينسون أن كل ذلك يتطلب ولو قليلا من يقظة ضمير والتبصّر بموضوعية.
ما الذي يجعل المفاضلة بين طرفي الصراع تمضي لمصلحة مستقبل الناس والبلاد، بعد الانحياز لهذا الجانب أو لذاك، والجانبان ضالعان من قريب وبعيد بكل هذه المحنة. من هو الذي أربك يوميات الناس منذ عقدين من الزمن، وكيف رُتبت وهُيئت كل هذه الطقوس والهالات للاحتفال ولعبادة كل هذه الكمية من الزعماء والقادة والعوائل ممن يتسمون بالدين ويلبسون لبوسه؛ هل في ذلك ما يعزز من قيمة المواطن ويضع متطلباته نصب أعينهم؟ ومَن مِن هولاء كان حريصاً على المال العام برؤية علي بن أبي طالب ،ومتى شعر العراقي بالطمأنينة على مستقبله بعد أن كفر بحاضره..؟
ضعوا تحت أسمائكم، يا أهل القلم ،توصيفات أو مفردات من قبيل: ناشط ،عضو ، منتظم..كي يستقيم الأمر؛ لتخرجوا من التباس المهنة والتضليل ،فما يحدث هو صراع جماعات ومصالح ، وهو يستحق التدقيق والتمييز وقول الحقيقة؛ لا الاصطفاف والتحيّز والانبهار والتملق والولاء والانسحاق.
ثمة صوت يئن من تحت لحظة القيظ وشجرة الزقوم الراهنة، يقول:
ليس هناك ماهو غريب ولا طريف في الأمر ؛ فنحن بلا تقاليد عقلانية، والعراق منذ أزيد من نصف قرن بلاد مكفنة باسوأ يوميات العمل المهني ، والعلاقة بين قول الرأي ويوميات النفع هي من أواصر الخراب المميزة؛ ضع قليلا من مسحوق الملاحقة واطحن ما متوفر من صنوف الإكراه والرعب والاستبداد..لنخرج بنتائج الحاضر الباهرة ، برفقة من يصنعون رأي الجمهور والخاصة.