عندما يرفض مجلس محافظة نينوى ان يتولى الدكتور مزاحم الخياط المعروف بتاريخه ومسيرته العلمية المشرفة رئاسة لجنة اعمار الموصل، فهذا يعني اصرار المجلس بكافة عناصره على الاستمرار في عملية التدمير الممنهج للمدينة واعدام اية فرصة يمكن من خلالها ان تدور عجلة الاعمار بعيدا عن شبكة الفساد التي اتقن نسج خيوطها غالبية الجهاز الاداري في الدولة العراقية ،ابتدا من الرأس الكبير وانتهاء باصغر اصبع في القدم.
وإلا كيف لنا ان نفسر قرارهم على انه يصب لمصلحة المدينة المنكوبة واهلها؟ وما الذي يمكن ان يقدموه من ادلة تؤكد صحة قرارهم؟
ومن ياترى الشخص البديل من وجهة نظرهم الذي تتوفر فيه قدرات علمية وخبرة عملية ونظافة يد بالشكل الذي لم تتوفر مثل هذه المواصفات في شخص الدكتور مزاحم؟
الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أن لا أحد يعرف بالضبط ماذا يفعل رئيس واعضاء المجلس؟ وكيف يقضون اوقات فراغهم طيلة ايام الاسبوع؟ باستثناء اثنين او ثلاثة من الاعضاء شوهدوا مرتين او ثلاث يزورون المخيمات ويتفقدون الدمار في الموصل القديمة، اما البقية وعلى مايبدو فقد اقسموا يمينا يكسر الظهر بينهم وبين انفسهم على ان لايزعجوا المواطنين برؤية وجوههم الى ان تنتهي دورة المجلس.
ازاء هذا الوضع ليس امام الموصليين من حل سوى الوقوف امام مبنى المجلس ولو لساعة واحدة لاعلان موقفهم امام عدسات القنوات الفضائية بتجميد عمله على ان تحل بدلا عنه لجنة مؤلفة من رؤساء المؤسسات والدوائر لادارة شؤون المحافظة الى ان يتم انتخاب مجلس جديد، مع يقيني بأن مثل هذا الموقف الذي هو ابسط حق دستوري للمواطنين لن يتجرأ الموصليون على ان يقدموا عليه لسبب بسيط يتعلق بخشيتهم ان لاترمى عليهم تهمة كراهية ومعاداة النظام السياسي القائم وانتهاز اية فرصة للاساءة اليه انطلاقا من دوافع طائفية.خاصة بعد ان تلطخت سمعتهم بتهمة التواطىء مع الارهابيين الدواعش لاحتلال مدينتهم الموصل ، وهي فرية تم تسويقها عبر جيوش الكترونية تقف خلفها جهات حزبية وسياسية ارادات من خلالها ان تبعد مسؤوليتها عن سقوط المدن تحت سلطة داعش لانها كانت تتحكم بالقرار السياسي والأمني ساعة وقوع الكارثة ولتصفية حسابات مع شخصيات محسوبة على محافظة نينوى.
الموصليون اليوم قد وصلوا الى مرحلة نفسية لا يحسدون عليها، ما عادوا فيها يتجرأون على التفكير في اتخاذ موقف سياسي ازاء ما يجري في عموم البلد من احداث وصراعات بعد الثمن الفادح الذي دفعوه بما لحق مدينتهم وبنيتها الاقتصادية من دمار، هذا إضافة الى مئات المدنيين الضحايا، واي مراقب للاوضاع العامة سيجدهم قد أُخِرجوا من المنافسة، ولم يعد يحسب لهم حساب من قبل الاطراف السياسية المتصارعة في المشهد السياسي، بل ان هناك اقضية بات لها وزن سياسي مؤثر اكبر من مدينة الموصل مثل تلعفر على سبيل المثال.
يبدو واضحا ان سكان مركز مدينة الموصل قد ارتضوا مرغمين بهذه النتيجة، بعد ان اصبحوا اشبه بفريق اصيب بارهاق شديد حد الاعياء بسبب خوضه مباراة شاقة استنفد فيها كافة الاشواط وخرج منها بخسارة ثقيلة ولهذا سيكون بامس الحاجة الى وقت طويل حتى يستريح ويستعيد لياقته وقدراته ليتمكن من الوقوف على قدمية مرة اخرى.
بناء على ذلك سيكون من المنطقي ان ليس لدى الموصليين مايكفي من الاستعداد لكي يرفعوا صوت احتجاجهم على قرار مجلس المحافظة برفض تعيين الدكتور مزاحم الخياط رئيسا لمجلس اعمار المدينة ولا حتى رفض اي قرار آخر مهما كان متعارضا مع تطلعاتهم ،هذا الحال ادرَكَه جيدا اعضاء مجلس محافظة نينوى واتقنوا استثماره لمصالحهم الشخصية.