صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تنمية التخلف

الأوطان والبلدان والأمم والجماعات -ضع أي مترادف- الذاهبة للمستقبل والمتمتعة بحاضر مضئ وحي، لا تتباهى ولاتناجي ولا تلطم على ألواح ورقم وابجديات واطلال ومذاهب ومساهمات كانت (لها) يوما ما. وحدها (تلك) الخائبة في حاضرها -مع ما تمتلك من ثروات الطبيعة والجغرافيا وقدرات البشر المتنوعة- هي من تندب أيامها وتمرغ وجدانها بما صنعت في ماضيها الذهبي، وحدها تنزل (وتصعد) إلى دركها العجيب بالاستعانة بمصابيح يدوية ومولدات مخصصة لاحتياجات أخرى وبعادات وقيم وتفاصيل.. لا مكان لها إلا في دراسات وشروحات وأبحاث علوم الإنسان والفلولكلور المطبقة على ما تبقى من مجتمعات بدائية.

بلد مثل العراق، كان الزارع والمنتج والمصدر  للنخلة ولكل أصناف التمور (هذا في الماضي)؛ واليوم هو المستورد المميز للنخيل النسيجي وللتمور من جيرانه (هذا في الحاضر).. وهو نفسه كان من أكبر مصدري البترول وأحد مؤسسي أوبك الأوائل بما يملك من احتياطات هائلة واليوم هو مستورد بائس لمشتقات النفط وتتحكم بمصير طاقته الكهربائية ايران بما تصدره من غاز، وغاز حقوله يحرق منذ اكتشاف نفطه (حاضر)!

هو نفسه وذاته من كان يغذي أسواقه وجيرانه منذ منتصف ستينات القرن الفارط وكل السبعينات بما ينتجه معمل واحد، هو معمل تعليب كربلاء، بسبب من شبه اكتفائه الزراعي والغذائي، واليوم يستورد الخل ومعجون الطماطم والمكدوس من إيران وسوريا، والحليب من الكويت (حاضر).

جامعات العالم العربي والكثير من مؤسساته الدراسية ومعاهده كانت معنية باستقبال خبرات وتجارب التدريسين والباحثين العراقيين في عموم المجالات.واليوم يتزود بشهادات ملفقة ومزورة من لبنان وتونس واذربيجان.. بعد أن استنفد (سوق مريدي) كل منجزاته العلمية وحلقاته الدراسية، وأصبحت ألقاب (الدكتور) و(المفكر) و(المختص) من الدباقة والابتذال وهي تلصق بكل هذا الكم من قادة الجماعات السياسية وما يدعى بأساتذة ووزراء ونواب.. يتقدمهم الجهل الساطع بالمعلومات والمعطيات، ويرافقهم الخوف العميم من إمكانية تسمية المتسبب بهذا الخراب الشامل الذي اطاح بأول وتالي ما للعراق من استحقاقات ومزايا وآمال أجيال، بكل عقوق وكراهية أهل الحكم في العراق وغِل ولؤم جيرانه التاريخيين.

أقرأ أيضا