صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

جردة حساب.. أين ذهبت أموالنا؟ (10-10)

ملف القوى العاملة للوزارات والمحافظات

هذا البحث جزء من كتاب أحاول إنجازه قبل نهاية هذا العام، ولأني أخشى ألا أستطيع إكماله -كغيره من مشاريع الكتب السابقة- لأسباب مختلفة، ولأن ما وجدته من معلومات حول التخصيصات المالية لمختلف الوزارات والمحافظات والمؤسسات العراقية أثار ذهولي واستغرابي واستيائي من الطبقة السياسية التي أدارت البلد بعد 2005، آليت أن أشارك القراء الأفاضل ما اكتشفته، ليعلموا حجم الأموال التي أهدرت والتي لم يعرفوا مصيرها على مدى عقدين من الزمن.

عند اقتراب طرح قانون الموازنة للتصويت في مجلس النواب العراقي في كل سنة، تتعالى الأصوات ضد إقليم كردستان، مطالبة حكومته بكشف أعداد الموظفين في الإقليم وإتاحة السجلات أمام لجنة تقصٍ من الحكومة الاتحادية للتثبت من أعدادهم الحقيقية، مع أن ما يوجد من مخألفات وأمور تستدعي البحث والتقصي في أغلب الوزارات الاتحادية، والمحافظات العراقية عدا إقليم كردستان، أكثر بكثير مما يمكن يمكن أن نجده في إقليم كردستان، كما مبين في الجدول أدناه.

السنةإقليم كردستانوزارة التربيةوزارة الكهرباءوزارة العمل والشؤون الإجتماعيةمحافظة بغدادمحافظة البصرةمحافظة ديالى
2005 557,032 336,592 589 6,497   
2006 557,032 494,593 592 6,735   
2007 586,502 514,644 593 6,756   
2008 616,304 534,617 11,719 8,862   
2009 616,302 546,164 18,290 8,961   
2010 616,304 556,164 648 9,505   
2011 650,849 566,161 1,333 9,801   
2012 662,444 601,164 1,463 10,408   
2013 677,528 644,613 3,504 11,854   
2014 677,528 644,613 3,504 11,854   
2015 679,939 665,953 2,623 14,602   
2016 682,021 668,124 2,623 14,609   
2017 682,021 130,634 1,314 13,112 222,067 70,431 56,913
2018 682,021 155,000 2,076 14,692 222,721 71,710 57,434
2019 682,021 155,078 2,086 7,002 232,621 74,391 60,198
2020 682,021 154,107 3,410 5,967 232,621 74,391 60,198
2021 682,021 154,106 3,4105,967 247,028 77,337 64,329
2022682,021 154,106 3,410 5,967247,028 77,337 64,329
2023  658,189 963,949 5,390 8,3868,867 17,050 5,427
جدول رقم (1) يبين القوى العاملة لإقليم كردستان ولعدد من الوزارات والمحافظات العراقية

لم تشهد أعداد الموظفين في إقليم كردستان تغيراً كبيراً، أو تغيراً دراماتيكياً-كما في الوزرات والمحافظات أعلاه-منذ عام 2005، ولغاية عام 2023. فعدد القوى العاملة لإقليم كردستان في سنة 2007 هو  586,502، يرتفع في السنة التالية ليصبح  616,304 موظفاً، بينما عدد القوى العاملة لوزارة التربية 514,644، يصبح في السنة التالية  534,617 موظفاً، أما عدد القوى العاملة لوزارة الكهرباء في سنة 2007 فهو593 موظفاً، يرتفع فجأة في السنة التالية 2008 ليصبح  11,719موظفاً، أما وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فيبلغ عدد القوى العاملة فيها في سنة 2007،  6,756 موظفاً، يرتفع في السنة التالية ليصبح 8,862 موظفاً. واستقر عدد القوى العاملة لإقليم كردستان في السنوات من 2008 ولغاية 2010 عند العدد  616,304موظفاً، واستقر كذلك من سنة 2016 ولغاية سنة 2022 عند العدد 682,021 موظفاً، ولم يشهد عدد القوى العاملة ارتفاعاً كبيراً إلا في سنة 2011، حيث ازداد العدد على السنة السابقة بمقدار نحو 34000 موظف. وقد تكون بعض هذه الأعداد غير واقعية، ولكن المؤكد أنها لا تثير الريبة مثل الأعداد الموجودة في الوزارات الاتحادية في السنوات السابقة، كما يبين الجدول أعلاه.

فأعداد القوى العاملة لوزارة التربية تزداد سنوياً بمقدار يتراوح بين عشرة آلاف ومئة ألف موظف، إلى أن يصل عدد القوى العاملة فيها إلى عدد 668,124 في سنة 2016، ثم يهبط فجأة في السنة التالية 2017 ليصبح 130,634 موظفاً، أي بفارق عن السنة التي سبقتها مقداره 537،490 موظفاً لم يعرف أين اختفوا فجأة. الغريب أن أعداد موظفي الوزارة تستمر في الزيادة سنويا بمقدار معقول إلى أن نصل إلى سنة 2023 ليبلغ عدد القوى العاملة 963,949 موظفاً، أي بزيادة مقدارها 809،843 موظفاً جديداً، أي أن عدد القوى العاملة لوزارة التربية في سنة 2023 تساوي تقريبا مرة ونصف مجموع موظفي إقليم كردستان. وأرجو ألا يفهم من كلامي أنني بصدد الدفاع عن مطالب إقليم كردستان، لكني أقارن فقط بين أعداد القوى العاملة “غير المبررة” لبعض المؤسسات العراقية، وأتساءل عن سبب سكوت أصحاب الأصوات الرنانة عن الكوارث في المؤسسات الاتحادية.

لنعد إلى الجدول أعلاه الذي أخذت أرقامه من قوانين الموازنات العراقية لسنوات المبينة باستثناء السنوات التي لم تشرع فيها قوانين موازنة فاعتمدت أرقام السنة السابقة لها، فنجد أن عدد القوى العاملة في وزارة الكهرباء يرتفع في سنة 2009 إلى 18,290 موظفاً، ليهبط في السنة التالية فجأة إلى  648موظفاً فقط، ولم يعرف أين اختفى البقية؟ يعود العدد ليتضاعف في السنة التالية فيبلغ  1,333موظفاً، ويبقى يرتفع ليصل في سنة 2014 إلى  3,504موظفاً، ثم يهبط إلى  1,314في سنة 2017، ويعود مجدداً للارتفاع ليصل في سنة 2013 إلى 5,390 موظف.

ولا يختلف الحال في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث يبقى عدد القوى العاملة يرتفع منذ عام 2005 ولغاية سنة 2018، حيث يصل العدد إلى  14,692موظفاً، لينخفض أيضاً بلا مسوغ في السنة التالية إلى 7,002 موظف، أي إلى اقل من نصف عددهم في السنة السابقة، أما أين اختفى النصف الآخر فلا أحد يعرف.

إذا انتقلنا إلى أعداد القوى العاملة في المحافظات فسنجد الأغرب. الجدول أعلاه يبين القوى العاملة لعدد من المحافظات ابتداءاً من سنة 2017، وهي السنة التي بدأت تنظم الموازنات فيها بذكر كل محافظة وتخصيصاتها المالية والقوى العاملة، فقد كانت قبل هذا التاريخ تذكر تخصيصات المحافظات والقوى العاملة ببند واحد بعنوان الإدارات العامة والمحلية في المحافظات. ولو أخذنا عدد القوى العاملة لكل المحافظات تحت البند أعلاه في سنة 2016، لوجدنا أنه يبلغ 14,606 موظف، في حين يبلغ عدد القوى العاملة لمحافظة بغداد وحدها في السنة التالية 2017، 222,067 موظفاً، وعددهم لمحافظة البصرة  70,431 موظفاً، ويبلغ في محافظة ديالى 56,913 موظف. والمحافظات الأخرى لا تختلف كثيراً عن هذا المحافظات.

ثمة أمران لم أجد تفسيراً لهما في أعداد الموظفين في المحافظات، الأول: نحن نعرف إنً أغلب الدوائر تدار من قبل موظفين يتبعون إدارياً إلى الوزارات الإتحادية، مثل وزارة التربية، وزارة الداخلية، الدفاع، البلديات، الصحة وغيرها، فأين يعمل الموظفون بأعدادهم المبينة أعلاه في المحافظات؟ والأمر الثاني إذا كانت الموازنات التشغيلية المخصصة للمحافظات، تغطي رواتب أعداد القوى العاملة فيها، فلماذا تكون النفقات التشغيلية في الوزرات أضعاف مثيلاتها في المحافظات مع أن عدد موظفيها قد لا يصل إلى نصف عدد بعض الوزارات الاتحادية. فالنفقات التشغيلية لوزارة الكهرباء في سنة 2021 مثلاً، تبلغ    8,777,800,000 ألف دينار (نحو تسعة ترليونات ألف دينار) وعدد موظفي الوزارة يبلغ 3,410موظف بينما الموازنة التشغيلية لمحافظة بغداد في السنة نفسها تبلغ 2,870,000,000 ألف دينار(تقريباً ثلاثة ترليونات ألف دينار) مع أن عدد القوى العاملة للمحافظة هو 247,028 موظفاً؟

ما تطرقت إليه في هذه السلسلة من المقالات، شيء يسير مما يحدث في الوزارات والمحافظات، لم أجد من يتطرق إلى هذه الحقائق، ولم أجد من يسعى إلى تلافيها من بين أغلب النواب أو الوزراء، خاصة ما يتعلق بأعداد الموظفين في الوزارات، والأرقام الكبيرة للنفقات التشغيلية للوزارات التي تفوق كثيراً الحاجة ألفعلية لتغطية رواتب الموظفين التي نسمع في كل سنة، أن الموازنة قد لا تكفي لسداد رواتبهم، فأين الخلل؟

أقرأ أيضا