صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

حكومة العراق السادسة.. دلالات ورؤى

حسنتان تحققتا في تشكيل الحكومة السادسة للعراق، وآلاف “السيئات” التي تواصلت منذ 2003 ايضا، يمكن إختزال أهم الحسنات بإبعاد حزب الدعوة عن رئاسة الوزراء الذي كان سببا رئيسيا في تردي الوضع العام والفشل الحكومي وإنتشار ظاهرة الفساد، والخطاب الطائفي وإنتشار المحسوبية والمنسوبية وانعدام الكفاءة بين المتصدين للمسؤولية في الحكومات السابقة، والحسنة الثانية إنكشاف زيف وكذب بعض الأطراف التي إدعت زهدها بالمناصب الحكومية وإيلاء الأمر كلية لعادل عبد المهدي لإختيار كابينته الوزارية، فيما ثبت العكس تماما بدليل ضعف بعض المرشحين لوزارات مهمة مثل وزارة العدل ووزارة الثقافة ووزارة التربية، وإصرار الكتل التي رشحتهم عليهم دون سواهم من الكفاءات، فمثلا المرشحة لتولي وزارة العدل هي خريجة عام 2005 وتحمل الشهادة الجامعية الأولية وليس لها خبرة في العمل الإداري والسياسي، وتم ترشيحها لأنها “شقيقة” ريان الكلداني قائد حركة بابيليون ضمن الحشد الشعبي، ولم يستعض عنها السيد عادل عبد المهدي بمرشحة تحمل شهادة الدكتوراه بالقانون ولها خبرة وظيفية لمدة 32 عاما وكانت تدير المعهد القضائي وتتصف بالنزاهة والاستقامة و”الاستقلال” الذي ينشده السيد عادل عبد المهدي الذي سبق أن اطلع على سيرتها الشخصية ووصفها بأنها “خير مرشحة” لمنصب وزير العدل وهي د.أحلام عدنان لفته عضو مجلس شورى الدولة.

فإذا كان سبب عدم ترشيحها للمنصب كون المنصب “حصة” الكلدان، فأعتقد إن في الكلدان والمسيحيين عموما بصورة عامة من لديه خبرة أكبر، وشهادة أعلى من شهادة المرشحة (اسماء) الحالية وهذا ليس طعنا في شخصها بطبيعة الحال لكن هو مجرد تقييم للأفضلية في تبوء منصب وزير ل”العدل” التي تعكس صورة الحكومة ومراعاتها للقانون وحقوق الإنسان وتأهيل الجانحين.

ولو أخذنا وزرة الثقافة التي هي مرآة الدولة وواجهتها الحضارية، والتي لم يعرف أهمية دورها زعماء اللحظة الخطأ التي أعادت العراق قرونا إلى الخلف، لوجدنا إن الوزارة تناوب على استيزارها أشخاص لا يمتون للثقافة بصلة منذ 2003 بإستثناء اول وزير لها السيد مفيد الجزائري والسيد فرياد راوندوزي في حكومة الدكتور حيدر العبادي، فقد شهدت توالى أسعد الهاشمي “متهم بالإرهاب حاليا” وسعدون الدليمي “متهم بالفساد وبملف سقوط الموصل” عليها قبل السيد فرياد راوندوزي، والمرشح لها حاليا غير معروف في الوسط الثقافي فضلا عن إنه مرشح لفصيل مسلح عقائدي من الممكن أن يصغ الوزارة بصبغة عقائدية تتلائم مع متبنياته التي لا تنسجم مع متبنيات جمهور واسع من العراقيين فضلا عن وجود تنوع ثقافي في العراق هو الأوسع على نطاق العالم، فكيف يمكن أن يتعامل هكذا مرشح مع هكذا تنوع؟ أعلم إن الإستقتال على الوزارات لا يمنح السيد عادل عبد المهدي حرية اختيار وزرائه كما تدعي القوى السياسية، لكن أقترح على السيد عادل عبد المهدي أن يستثني أمر هذه الوزارة من الترشيحات وأن يوكل أمرها إلى الوسط الثقافي بطريقة ما، وإلا فهو يغامر بعداء طيف واسع من الاقلام الساخطة التي يحتاج مساندتها في بداية مشواره الحكومي.

أقرأ أيضا