قصص السياسة ومشاكلها تدفعك لتبحث بصفحات التواصل الاجتماعي بين دقيقة وأخرى لتجد ما يلبي طموحك ويشبع غريزة الفضول، لكن في الكثير من الأحيان تصادف ما يشتت الأفكار ويطرح العديد من التساؤلات التي دائما ما تكون إجاباتها “غريبة”، فحينما يقفز أمامك مقطع فيديو لضابط في الجيش العراقي وهو يعلن عن الترشيح لرئاسة الوزراء كشخصية مستقلة ويطالب رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي بمغادرة “الكرسي” والتنازل لصالحه، قد تجد نفسك مصابا “بنوبة ضحك هستيرية” لآتستطيع التخلص منها لعدة اسباب.
نعم.. فواحدة من تلك الأسباب هي الفضائية التي عرضت الضابط “المسكين” واقنعته بالظهور والمطالبة بمنصب رئيس الوزراء، والتي حاولت خلال الايام الماضية تصحيح مسارها وتلميع صورة مالكها “خميس الخنجر” لكنها لم تفلح، فوجدت ان طريقة “التحايل” على “عُبَّاد الله” سهلة ولا تتطلب غير “شخص يحمل رتبة عسكرية” تجلسه امام المشاهدين، لينقل لهم نكتة نسمعها كل يوم،، وكان المواطن لا يعلم ان المناصب تقسم بحسب المحاصصة الطائفية والسياسية فمنصب رئيس الوزراء لا يمكن ان يذهب للسني وكذلك يستحيل ان ترى شيعيا في رئاسة البرلمان او شيعيا رئيسا للجمهورية، وهي معادلة لا يمكن تغييرها “الا بمعجزة ربانية”.
صحيح ان السياسة تحكمها المتغيرات، لكن مايحصل في بلادنا تجاوز جميع المحظورات فكيف تفسر اجتماع القاتل والضحية تحت سقف واحد وكيف تحول “ولي الدم” الى صديق “حميم” لمن كان يروج للتقسيم ويهتف عبر وسائل الاعلام العربية والعالمية، بان “الثوار سيدخلون بغداد لتحريرها”، فيما كان الاخر يحشد الشباب والشيوخ للقتال دفاعا عن “المذهب” والوطن الذي تحول بنظرهم الى “صفقة” تضمن بقائهم في السلطة حتى لو تطلب الامر مصافحة “الشيطان” ليكون لقاء الامين العام لمنظمة بدر هادي العامري وخميس الخنجر في ليلة خميس هواؤها “جلاب” كما تسمى ليالي اب، رسالة عن غياب المبادئ تبعتها رسالة اخرى بلقاء السيد المالكي صاحب مقولة “بعد ماننطيها” و”غريمه” اسامة النجيفي في صورة تعكس حجم “الاستغفال” الذي مارسه “السيدان” خلال الولاية الثانية للمالكي، حينما كانا يتبادلان الاتهامات بشكل علني، واليوم يجلسان بعد سنوات من القطيعة والابتسامة لا تفارق وجوههم.
من يبحث عن الأسباب الحقيقية التي جمعت هؤلاء سيجد اجابة واضحة وهي “مائدة” السلطة التي تسعى كل جهة لحجز مقعد فيها، وقد يتسأل الكثير لماذا في هذا التوقيت والانتخابات انتهت منذ ثلاثة اشهر، نعم فالكتلة الفائزة في الانتخابات واقصد بها “سائرون” وراعيها السيد مقتدى الصدر قطع بشروطه الأربعين جميع امنيات هؤلاء بالتسلق على حسابه، او إقناعه بالتراجع عن بعض الشروط التي جاءت داعمة للصفات التي حددتها المرجعية الدينية في رئيس الوزراء المقبل، ليجدوا أنفسهم امام خيارين لا ثالث لهما اما التنازل لصالح الكتلة الفائزة او ترك المبادى والقيم والتمسك بالسلطة، فاختاروا الثانية لانها اسهل طريق للحفاظ على المليارات التي سرقت باسم “المواطن”.
الخلاصة.. إن تلك الاجتماعات تهدف لعزل زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر لجعله يواجه مصيرًا مشابها لما حصل لزعيم القائمة العراقية اياد علاوي في انتخابات 2010، حينما اجبرته الكتلة الاكبر والاتفاقات الجانبية على التنحي عن رئاسة الوزراء واتخاذ موقف المتفرج فقط، على الرغم من فوزه بأعلى الأصوات، لكن الفرق الوحيد هو ان السيد علاوي لم يتوجه للمعارضة واختار ان يكون مرة مع الحكومة ومرة ضدها.. أخيرا.. السؤال الذي لا بد منه.. هل سيتوجه الصدر للمعارضة الحقيقية ليضع العملية السياسية على المسار الصحيح، ام سيكتفي بالتفرج على ضياع المبادئ؟